يهود الحريديم بعد رفضهم لاحتلال فلسطين الآن، يرفضون التجنيد ضد الفلسطينيين، كانوا يعرضون الصهيونية في البداية، لكنهم الآن ينشطون في إلحاق الضرر بممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية، كتدمير سياراتهم، والتعرض لهم بالضرب والعنف والاعتداء على أقرانهم من اليهود.
بلغ ببعضهم التشدد إلى حد أطلق عليهم لقب طالبان اليهود، واتهموا بالاتجار بالبشر، واستغلال الأطفال، وارتكاب جرائم جنسية، وحتى الاتجار بالمخدرات، يهود الحريديم اختاروا طوائف اليهود، هل سيكونوا السبب في زوال إسرائيل؟
تهديد يهود الحريديم بمغادرة إسرائيل
إذا ما قامت الدولة على إجبار اليهود المتدينين على الخدمة العسكرية، فإننا سنهاجر من إسرائيل أزمة غير مسبوقة تهز أركان الدولة العبرية، وذلك بعد التهديد الصارم الذي أطلقه الحاخام الشرقي الأكبر يتسحاق يوسف، في إعلان جريء وغير مسبوق،
أعلن يوسف تحديه للحكومة الإسرائيلية، مشيرا إلى إمكانية مغادرة أكثر من 1,000,300 يهودي من فلسطين، إذا تم فرض التجنيد الإلزامي على طلاب المدارس الدينية.
هذا التهديد يأتي في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حربا شرسة على قطاع غزة، وهي حرب تعتبر نقطة محورية في استراتيجيتها للبقاء على أرض فلسطين.
في ظل هذا الوضع المعقد يهدد يتسحاق يوسف بأن الأزمة قد تتفاقم بشكل دراماتيكي، مما قد يغير وجه الصراع بشكل جذري، و يشكل اختبارا حاسما للسياسات الإسرائيلية.
نشأة يهود الحريديم
من قلب الأساطير اليهودية يتردد اسم المسيح المخلص الملك المنتظر من نسل داود الذي سيأتي بعد النبي ايليا، ليعدل مسار تاريخ اليهودي، وينهي معاناة اليهود، ويجمعهم من شتاتهم،
ويعود بهم إلى الأرض المقدسة ليقيم مملكة عظيمة في القدس، حيث يعيد بناء الهيكل المفقود، و حكم بشريعة التوراة والتلمود،
هذا هو الحلم الذي يعتبر المحرك الرئيسي لصلاة اليهود حول العالم يوميا، بانتظار مجيء هذا المنقذ الذي سيجلب لهم الخلاص، ويقيم الفردوس الأرضي الذي سيستمر لألف عام.
في أواخر القرن التاسع عشر، بدأ تحرك الفعلي لتجسيد هذه الأساطير. حيث ظهر البارون الألماني موريس دي هيرش ليؤسس جمعية الاستعمار اليهودية في لندن عام 1891 لمساعدة الاستيطان اليهودي في فلسطين وتحقيق الحلم اليهودي القديم.
كانت هذه الجمعية بمثابة الشرارة الأولى التي أطلقت الحركة الصهيونية والتي تبناها الكاتب والصحفي اليهودي ثيودور هرتزل، عندما نشر كتابه الشهير الدولة اليهودية عام 1896، دعا فيه إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
لكن سرعان ما ظهر خصم جديد لهذه الحركة الصهيونية الفاعلة بقوة بين يهود أوروبا، إنهم الطوائف الحريدية الأرثوذكسية، لقدر أهؤلاء أن الدعوة لإنشاء دولة يهودية تعد تحديا صريحا لإرادة الله، بل وتهديدا للروحانية اليهودية التقليدية التي عاشوا عليها لقرون.
هذه الطوائف كانت تعتقد أن اليهود يجب أن ينتظر مجيء المسيح الموعود لتحقيق الخلاص، وليس السعي وراء إقامة دولة بجهود بشرية.
وفي عام 1912 ولدت حركة أغودات إسرائيل في بولندا كجبهة مضادة للحركة الصهيونية، كانت هذه الحركة تسعى إلى ما أسمته بحل المسائل اليهودية بروح التوراة وتعاليمها، وتجنبت الدعوات العلمانية للصهيونية، ونجحت أغودات إسرائيل في توحيد اليهود الحسيديم و الحريديم اللتوانيين مع اليهود الأرثوذوكس الألمان تحت راية واحدة.
وبهذا أصبح العداء تجاه الصهيونية من قبل اليهود الأرثوذوكس أكثر قوة وصلابة، لكن الزمن كان له رأي آخر.
مع تقدم المشروع الصهيوني واندلاع الهولوكوست النازي بدأت هذه الطوائف تعيد النظر في مواقفها، فتدريجيا تلاشى العداء تجاه الصهيونية، ووجد الكثير منهم يتحالفون مع الصهاينة الذين كانوا يوما ما عدوهم الأكبر.
ماذا سيحدث عندما يتحول الأعضاء إلى حلفاء؟ كيف ستتطور العلاقة بين يهود الحريديم وبقية الطوائف اليهودية؟ وما هي تبعات هذه التحولات على الصراع المتجدد مع الفلسطينيين؟ ذلك ما سوف نعرفه في الفقرة القادمة.
من هم يهود الحريديم
يهود الحريديم هم جماعة من اليهود الأرثوذكسيين المتشددين الذين يتبنون تفاسير الأكثر غلوا في التراث الديني اليهودي، و يتشددون في أداء العبادات والطقوس اليهودية، وهما يفصلون أنفسهم عن المجتمع غير اليهودي، بل وحتى اليهود، الذين لا يتبعون الشريعة الدينية على نحو صارم كما يفعلون.
يعيش يهود الحريديم حياة بدائية، وقلما يستخدمون التكنولوجيا وتطبيقاتها حتى مشاهدة القنوات التليفزيونية هو الاستماع للإذاعات وقراءة الصحف ممنوع، وإذا أراد أحدهم شراء هاتف محمول، فإنه بحاجة أولا إلى موافقة الحاخام على ذلك،
وحتى تحميل التطبيقات وزيارة مواقع الإنترنت تخضع لرقابة صارمة، وقد بلغ من تشددهم في ذلك الأمر أن مجموعة من أبناء الحريديم قد أقدمت على الاعتداء على شاب من طائفتهم بسبب محاولته شراء هاتف محمول ذكي.
ويتفرغ يهود الحريديم للانخراط في مدارس دينية، حيث يتم فيها تعليم الدين التقليدي والشريعة والتلمود، ويتعلم أبناء الطائفة الحريدية العلوم الدنيوية عند الحاجة فقط من أجل إنقاذ الحياة مثل الطب أو كسب الرزق.
أما دراسة الآدب والفلسفة وغيرها، فممنوعة عندهم، ويبقى ذكور في المدارس الدينية حتى سن ال40 غالبا، لذلك لا يشاركون في القوى العاملة، ولا يلتحقون بالجيش.
وتعود قصة إعفائهم من التجنيد إلى عام 1951، حينما أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي أنذاك ديفيد بن جوريون قرارا يعفي طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية الإلزامية، دون أن يعلم أن هذا القرار سيفجر صراعا كبيرا يهدد الوجود اليهودية في أرض فلسطين، فما هي المفاجآت التي تخبئها الأيام القادمة؟
تتكشف الأسرار، ويتصاعد التوتر، فحافظوا على تركيزكم، واستعدوا للكشف عن تفاصيل الصراع الكبير بين يهود الحريديم والحكومة الإسرائيلية.
الصراع بين يهود الحريديم والحكومة الإسرائيلية
بالرغم من أنهم لا يشكلون أكثر من 10% من اليهود في فلسطين، إلا أن الحريديم ما يعملون على الاحتفاظ بوزارة الداخلية ومحاكم شؤون العائلة لفرض شرائعهم على باقي اليهود، لذا فهم في صراع محتدم مع الأحزاب العلمانية.
وبسبب سطوة تلك الطائفة، فإن الحكومات الإسرائيلية المتتابعة تحابي مجتمعات الحريديم، وتتجنب الدخول معهم في نزاعات، وتغض الطرف عن بعض تجاوزاتهم عندما يعتدون على أقرانهم من اليهود العلمانيين، وذلك طمعا في كسب أصواتهم في الانتخابات.
اذ تشكل أعدادهم المتنامية ترسانة من الأصوات التي يوجهها الحاخامات لصالح المرشحين المرغوبين، غير أن الحكومة تحاول إجبارهم على التقيد ببعض تعاليمهم، إلا أنهم لا يستمعون إلا لزعيمهم الديني، ولا يرضخون للسلطة، ولا يعيرونها أدنى اهتمام.
وفي ظل تمسك الحكومة الإسرائيلية بفرض التجنيد على يهود الحريديم، أجمعت كل تياراتهم على معارضة ورفض الانخراط في الجيش الذي اعتبره مفسدة للأخلاق المجتمعية، وتهديدا للمعاهد والقيم الدينية وتعاليم التوراة.
لكن بعد اندلاع حرب غزة، عاد الصراع بين يهود الحريديم والحكومة الإسرائيلية، فالجيش الإسرائيلي يواجه عجزا في عدد أفراده في ظل حربها المتواصلة على قطاع غزة منذ 7-10-2023م، وعملياته المكثفة في الضفة الغربية المحتلة، وقصفه المتبادل مع حزب الله اللبناني.
هكذا اتجهت أنظار الحكومة الإسرائيلية إلى شباب الحريديم لإخضاعهم لتجنيد الأمر الذي أشعل أزمة سياسية حادة في إسرائيل.
ففي حين تعارض الأحزاب الدينية المساس بمبدأ إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، ويشعلون الاحتجاجات في تل أبيب، ويهددون بالانسحاب من الحكومة، ومغادرة إسرائيل نهائيا،
يطالب وزراء بينهم عضو مجلس الحرب ببيني غانتس، ووزير الدفاع يوآف جالانت، وزعيم المعارضة يائير لابيد بوضع حد لهذا الإعفاء.
تلك الأزمة تهدد تماسك الحكومة في خضم الحرب على غزة، إذ ان الاختلاف الآن وانسحاب الوزراء يعني الدعوة لانتخابات جديدة في هذا الوقت الحرج بالنسبة لبنيامين نتنياهو الذي يعيش في حالة رعب من خسارة الحرب في غزة وإنهاء مستقبله السياسي.
فما الذي سيؤول إليه الصراع بين يهود الحريديم والحكومة الإسرائيلية، هذا ما سنعرفه في الأيام المقبلة. نأمل أن يكون المحتوى قد نال إعجابكم، ابقوا في امان والسلام.
المصادر
- تجنيد 3 آلاف شخص من يهود “الحريديم” – bbc
- يهود “الحريديم” يهددون “نتنياهو” بخسارة حرب غزة.. ما القصة؟- sabq
- الحاخام الأكبر يهدد بالرحيل من إسرائيل في هذه الحالة – skynewsarabia
- “أميركان إيرلاينز” تمدد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى أواخر مارس المقبل – alhurra
- أوامر الاستدعاء على أبواب الحريديم – arabicpost