قصة وحش جيفودان

السلام والاحترام أصدقائي الكرام طبتم وطابت اوقاتكم و يا مرحبا بكم في هذه المقالة عن وحش جيفودان في موضوع اليوم سنعود الى القرن 18 ميلادي وسنسافر الى احد اجمل البلاد الأوروبية فرنسا لا لنزور موقعا اثريا او حتى لنتحدث حول ابرز معالمها الرائعة انما الامر بعيد كل البعد عن المنح الجمالي لهذا البلد العريق

فموضوع اليوم اختلطت فيه الحقيقة بالخيال والرعب والغموض يحيط به من كل نواحيه موضوع اليوم عزز فكره شخصيه أسطورية موجوده منذ العصور السحيقة وحش قاتل ضحايا بالعشرات بل بالمئات والى اليوم لم يتم حسم ماهيه هذا الوحش

لن نطيل الحديث اكثر ونذهب الى فرنسا ولنبحث عن قصة وحش جيفودان المرعب

علاقة وحش جيفودان بالمستذئبين

 أصدقائي اغلبنا ان لم يكن كلنا قد قرانا رواية او شاهدنا فيلما حول المستذئبين تلك الشخصية الأسطورية التي لطالما فتنه الادباء والفنانين منذ العصور القديمة وعندما أقول القديمة فانا اعني عصوره ما قبل الميلاد

موضوع المستذئبين ليس وليد الحضارة الحديثة بل تم إيجاد ذكر لهذه الشخصية في اقدم الحضارات واعرقها والعلى بداية ظهور هذه الشخصية يعود بحسب المؤرخين الى الحضارة الإغريقية فهذه الشخصية بحسب الاساطير الإغريقية تدعى لايكون الرجل او الملك الذي تحول بفعل لعنه من احد الإلهة واسر اكله للحم البشر الى مستذئب

والعديد من الحضارات الأخرى ضمت هذه الشخصية الى ارثها ومنها الحضارة العربية المسلمة وان كان علمائنا قد تناولوها من المنظور الطبي لمرض يشبه تشخيصه تصور المستذئبين

ولكن حدث او حوادث بالأصح استمرت لثلاث سنوات كانت سببا في تعزيز فكره وجود هذه الشخصية الأسطورية بل تحورت الحادثة واكتسبت بعض من خصائص اساطير المستذئبين كيف لنرى

قصة وحش جيفودان

تبدا قصة وحش جيفودان في الثلاثين من يونيو عام 1764 عندما تعرضت راعيه ماشيه في الرابع عشر من العمر تدعى جين بولت لهجوم دموي من قبل مخلوق اعتقد في البداية انه ذئب كان يستهدف القطيع وقتل الراعية بطريقه

ولكن هذه الراعية لم تقتل فقط بل تم اكل جزء منها بطريقه غير مألوفة لدى سكان منطقه جيفودان احدى مناطق فرنسا المعزولة

هذه الحادثة بحسب المؤرخ جي سميث في كتابه مونسترز اوف جيفودان او وحوش جيفودان    ليست الحادثه الاولى ولكنها حادثه القتل الأولى.

اما الحادثة الأولى بحسب الكتاب فقد وقعت قبل شهرين من هذه الحادثة حيث تعرضت أيضا راعيه ماشيه لهجوم مخيف ولكن القطيع قام بحمايه هذه الراعية فنجت لتعطي هذه الناجية المحظوظة اول وصف لوحش جيفودان قائله يشبه الذئب وليس بذئب

تتابعت الهجمات خلال الصيف وامتدت الى الخريف بعضها كان قاتلا لدرجه ان بعض الأشخاص اختفوا بالكامل بعد ان سحبهم وحش جيفودان بحسب شهود العيان الى الغابة المظلمة اما من نجو فقد أعطوا اوصافا غريبه لوحش جيفودان

الجميع اتفق ان وصف وحش جيفودان هو مخلوق وحشي يبدو كالذئب ولكنه ليس بذئب حجمه كبير مقارنه بأنواع الذئاب المعروفة في المنطقة راسه يشبه الكلب باذان صغيره مستقيمه صدره واسع وكبير وفراؤه احمر اللون مع خط اسود على ظهره بالطبع الاسنان كبيره وحاده لكي تستطيع تقطيع عظام البشر ونهش لحمهم

 الوحش بحسب المؤرخين الذين تداولوا القصة هاجم واكل الأطفال والنساء بشكل أساسي ولكن حتى الرجال كان لهم حصتهم من الهجمات وبالاخص الذين كان يباغثهم الوحش وهم لوحدهم

ومع هذا ورغم كل الرعب المحيط بهم لم يقف سكان جيفودان مكتوفي الايدي فبدأت قصص حملات التفتيش والصيد الفردي لوحش جيفودان بالانتشار

وبحسب المؤرخ سميث فان الجوائز والحوافز وضعت على راس هذا الوحش ما ساهم بتعزيز حملات الملاحقة الشرسة

في الثامن من اكتوبر عام 1764 وبعد ساعات من هجوم شرس من قبل وحش جيفودان تم رصده من قبل مجموعه من الصيادين في منطقه قريبة من منطقه الهجوم

الوحش كان يتربص بأحد الرعاة عندما لاحقه الصيادون عبر الغابه وحاصروه في فسحه واسعه ليقوم بعدها الصيادون بإطلاق وابل من النيران عليه وحش جيفودان وقع ارضه والصيادين احتفلوا ولكن يبدو ان الاحتفال كان مبكرا بعض الشيء  فالوحش نهضه وهرب امام اعين الصيادين المذهولين

الأطفال أيضا اشتركوا بمواجهه الوحش الضاري ومن اشهر القصص التي انتشرت حول هذا الموضوع قصه المواجهة التي وقعت بين ثمان أطفال ووحش جيفودان في الثاني عشر من يناير عام 1765

وحش جيفودان هاجم جاك بورتوفيه الطفل ذو 10 سنوات ومعه مجموعه من أصدقائه الا ان الطفل الشجاع عوضا عن الفرار والهلع قاد حمله هو وأصدقائه واستطاعوا اخافه الوحش وابعاده باستخدام العصي

أصداء بطوله الطفل ومن معه وصلت الى بلاط الملك فكافئ الملك لويس الخامس عشر الأطفال الشجعان وامر بدفع تكاليف تعليم قائد الحملة الشجاع الطفل جاك

بطوله هؤلاء الأطفال دفعت الملك الى ارسال صيادين ملكيين لتلك المنطقة لاصطياد وحش جيفودان الغامض الذي انتشرت قصته في كل الجرائد المحلية وتخططها الى البلدان المجاورة ليصبح موضوع وحش جيفودان اول موضوع يندرج في خانه الإثارة الإعلامية في التاريخ بحسب مختلف المؤرخين والمصادر

من اكثر القصص النبيلة والشجاع في مواجهه وحش جيفودان الضاري بل وتم صنع تمثال لهذه البطلة ما زال قائما الى يومنا هذا هي قصه المواجهة بين ماري فالي ذات العشرين اغسطس من العام 1765 خلال عبورها لنهر ديسجيس مع شقيقتها

الفتاة التي كانت سمعت بقصة الوحش كانت متسلحة برمح حاد في حال تعرضها لأي هجوم ويبدو ان حدسها كان صحيحا فالوحش هاجمها ليلقي في المقابل عدة طعنات في الصدر ويفر هاربنا من الفتاة التي اضحى لقبها المرأة المحاربة او الامازونية نسبة الى المحاربات الامازونيات وخادمه جيفودان.

في العشرين من سبتمبر عام 1765 قام فرانسو انطوان حامل سلاح الملك بإصابة ذئب كبير واردائه قتيلا في منطقه قريبة جيفودان

بالطبع اعتقد الجميع ان الرجل استطاع اخيرا قتل الوحش فاغدق الصياد الملكي بالألقاب والمال والجوائز اما جلسه الوحش المزعوم فقد حنطت وارسلت الى بلاط الملك كتذكار

من المفترض ان الوحش قتل والهجمات توقفت ولكن في ديسمبر من نفس العام بدأت الهجمات مجددا عام وهذه المرة الهجمات اختلفت والوحش اختلف وبالأخص من ناحيه التصرفات

ففي الهجمات السابقة كان الوحش يخاف من القطيع اذا ما تكاثر عليه ويولي هاربا وكذلك الامر بالنسبة للصيادين اما في الهجمات الجديدة فالوحش لم يأبه لا بالقطيع ولا بالصيادين ما طرح تساؤل عن وجود وحش ثاني غير المتعارف عليه قد تم قتله.

البلاط الملكي في المقابل اختار تجاهل الاخبار الواردة حول الوحش الجديد وهجماته الجديدة واصر على ان الصياد الملكي أنطوان قد قام بقتل الوحش الضاري ولكن ثوره مفاجئة في الهجمات الدموية وقعت في أوائل يونيو من العام 1767 دفعت بنبيل فرنسي يدعى دماركس ديابشر الى تنظيم حمله صيد واسعه للامساك بالوحش

وفي 19 من يونيو تمكن احد الصيادين ويدعى جان جاستل مت اصابة ما يشبه الذئب وقتله وهذه المرة تم اجراء تشريح لجلسه المخلوق فتم اكتشاف بقايا بشريه داخل معدته اضافه الى ان الصفات الخارجية للوحش تطابقت علي ما ادلي به الشهود الذين صادفوا الوحش وبالطبع توقفت الهجمات الدموية تماما

ما اكد للرأي العام وللفرنسيين انه قد تم بالفعل قتل وحش جيفودان الذي ارعب الفرنسيين لثلاث سنوات كاملة

قتل المخلوق الذني نسبه البعض الي فصيلة المستذئبين نتيجة اكله للبشر وصفاته الخارجية الغير مألوفة لم يمضي دون إضافة عنصر الخيال اليه فالروايات المحلية متعددة وجمعيها تتفق علي شيء واحد

وهو انه الصياد الماهر لم يقتل وحش جيفودان برصاصه عاديه بل بنوع مخصوص من الرصاص لنقم ببعض العصف الذهني رصاصه ومستذئب وقتل نهائي فما هو النوع نعم أصدقائي رصاصه مصنوعه من الفضة اخترقت قلب الوحش فادرته قتيلا تماما كما في الأفلام المشهورة

حقيقة وحش جيفودان

بعد قتل وحش جيفودان واجراء عمليه التشريح الشهيرة بدأت النظريات والفرضيات تخرج الى العلن بمحاوله تحديد جنس الوحش فهو يشبه الذئب ولديه خصائص الذئب ولكنه ليس بذئب

فقيل انه ذئب أوراسي وقيل كلب حرب مدرع ضبع مخطط اسد وبالطبع مستذئب بعض النظريات اشارت الى ان الوحش قد يكون حيوانا من العصور ما قبل التاريخ مثل الدببة الكلاب والذئب الرهيب ولكن المؤرخ سميث يرى عدم صحه هذه النظرية

ببساطه لأنه من غير الممكن ان يكون احد هذه الحيوانات قد استطاع النجاة عبر ملايين السنين والتكاثر دون ان يلاحظه

احد احدى النظريات التي اثارت انتباهي هي عن كون الوحش بشري نعم بشريا ولكن كيف ببساطه الفرضية تنص على ان انسان او مجرم هو من قام بهذه الهجمات وبالأخص ان تقارير الهجمات اشارت الى تقطيع أجزاء من الجثث وهو امر نادر الحدوث في هجمات الحيوانات المعروفة

لذلك اتهمت هذه النظرية مجرما بشريا يرتدي زييا لوحش حيواني ويجوب في المنطقة في ضوء النهار مختارا ضحاياه ومصطحبا معه كلب حرب مدرع ليحمل الضحايا ويتحمل مسؤولية الجرائم هل تعتقدون ذلك؟

ولكن تبقى الفرضية الأقرب الى الواقع هي ان وحش جيفودان عباره عن ذئب ينتمي الى قطيع من الذئاب كانت تهاجم وتصطاد منفرده

قطيع من الذئاب كان هجينا بشكل وتصرفاته على المنطقة لذلك احتار الاهالي في وصف ما رأوه وساهمت حالة من الهيستريا الجماعية بحسب علماء النفس في تعزيز فكرة ان وحش جيفودان ليس بذئب بل وحش غريب او بالأصح مستذاب

هذه الهيستريا الذي سجل التاريخ العديد من الحوادث التي كانت هي بطلتها دون منازع اي الهيستريا الجماعية هو موضوع سنتاونله فعلا في المقالات القادمة بإذن الله وانتم أصدقائي ما رايكم ما هي حقيقه وحش جيفودان

اذا اصدقائي هذا ما كان في جعبتنا حول قصة وحش جيفودان الغامضة وحش جيفودان ليست بالقصة الخيالية او الأسطورة انما سلسلة حوادث حصلت بالفعل وذهب ضحيتها عشرات بل مئات الأبرياء

ولكن مخيله البشر والعقل البشري المعقد التركيب بمكنوناته الغامضة استطاع تحويل هذه الحوادث وهذا المخلوق الى مخلوق اسطوري وربطه مباشره بموضوع المستذئبين القديم الشديد في دلاله واضحه على قدره البشر على تغيير وتحوير مكنونات المواضيع والمخلوقات وغيرها ليحولوها الى ما يناسب ويشبع مخيلتهم الواسعة

ووحش جيفودان ليس المثل الوحيد على ذلك فالعديد من المواضيع كانت ضحيه ان امكن القول هذا العقل البشري وهذه المقدرة البشرية والدلائل كثيره وواضحة

فمن الملوك الحقيقيين الذين صبغوا بصبغه الأسطورة كملكتنا سميراميس كاحداث غريبة كتجربة فلادلفيا وصولا الى المخلوقات الخارقة كنصاصي الدماء والمستذئبين ومنهم وحش جيفودان المواضيع والقضايا والخبايا كثيره والى ان نلتقي في مقالة جديده ابقوا أصدقائي في امان الله والسلام