في تلك المقالة سوف نتحدث عن قصة مومياوات المستنقعات أغرب المومياوات في العالم ونكشف لغز وسر مومياوات المستنقعات ونعرف ما هو رأي العلم والعلماء فيها.
ما هي مومياوات المستنقعات
المومياء ماذا تعرفون عنها؟ هل تظنون أنها جثث الفراعنة فقط إن كان كذلك إذن استعدوا لأننا في تلك المقالة سنبحر في عالم مرعب.
المومياوات تعود إلى الواجهة من جديد ولكن بشكل مختلف ومكان مختلف وحقيقة مجهولة.
أجساد غامضة اكتشفها العلماء ستعيدنا إلى عصور مظلمة لا نعرف عنها شيئا من هم مومياوات المستنقعات و ما سر مومياوات المستنقعات تلك والأهم هل تمكن أحد من كشف حقيقة مومياوات المستنقعات حتى يومنا هذا؟
مومياوات المستنقعات أو ما يعرف ب bog mummies أصدقائي القراء حلقتنا اليوم حول مومياوات قد يتبادر إلى ذهنكم فورا الفراعنة ولكن هذه المرة ضيوفنا ليسوا من أرض مصر.
فالمومياوات هذه مرة من الغرب مومياوات غريبة أثارت الحيرة والجدل بسبب الظروف التي وجدت بها.
مومياوات لم تحنط بالطريقة المعروفة بل تحنيطها يعود إلى أمر آخر تماما لنحاول اكتشاف أسرار ما يسمى مومياوات المستنقعات أو bog mummies.
ما هي مومياوات المستنقعات أغرب المومياوات في العالم؟
مومياوات المستنقعات هي مومياوات اكتشفت بالصدفة في عدة مستنقعات أوروبية هذه المومياوات كانت وبقيت مجهولة الهوية وبعكس المومياوات الفرعونية فلم يتواجد مع هذه المومياوات أي شيء يدل على هوية صاحبها.
بل هذه المومياوات لم تدفن بالطريقة المعتادة بل وجدت ضمن مستنقعات الخث والخث هذا يعرفه أيضا بالبيتموس أو البطموس وهي نباتات متفحمة تتعفن ببطء في المرحلة الأولى لتكون الفحم وهي كانت تستخدمه للتدفئة وكنوع من الوقود.
اكتشافات مومياوات المستنقعات
ما هي أبرز اكتشافات مومياوات المستنقعات
- أولى هذه الاكتشافات تعود إلى القرن السابع عشر حيث تم اكتشاف مومياء في هولستين ألمانيا عام 1640.
- أول توثيق فعلي لعملية اكتشاف مومياء من المستنقع كان ما نشرته الكونتيسة إليزابيث راودن حول اكتشاف المومياء في جبل Dundrum في أيرلندا
- توالت مثل هذه التقارير في القرن الثامن عشر حيث سجل اكتشافه جاء عام 1773م في جزيرة فين الدانماركية.
- مومياء أخري تم اكتشافها في أيرلندا العام 1791 م أطلق عليها مومياء كيبيلغارن.
الملفت في الأمر أن الدراسات أثبتت أن المومياوات التي اكتشفت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حظيت بدفن ملائم بحسب التقاليد المسيحية.
وذلك لأن السكان الذين اكتشفوا هذه المومياوات كانوا يظنون أنها لأشخاص توفوا حديثا تذكروا تلك الكلمات جيدا.
ولم يكن هناك أحد لدفنهم لأنهم ماتوا فجأة أو أنهم كانوا ضحية جريمة قتل فحملوا على عاتقهم مهمة إخراج المومياوات من المستنقع ودفنهم بحسب التقاليد المسيحية.
ظل الأمر على هذا المنوال حتى منتصف القرن التاسع عشر عندما بدأ الاهتمام به بدراسة الآثار القديمة والأثريات لتبدأ الشكوك حول هذه المومياوات بأنها ليست أشخاصا ماتوا حديثا بل الأمر أقدم من ذلك بكثير.
- أول صورة التقطت لمومياوات المستنقعات هذه كانت في العام 1871 لمومياء من العصر الحديدي أطلق عليها اسم رانزوير مان والتي وجدت قرب منطقتي كيل في ألمانيا .
- توالت الاكتشافات وازدهرت الدراسات والتي أجمعت أن هذه المومياوات هي ليست حديثة بل أنها أغلبها يعودوا للعصر الحديدي
- وأقدم مومياوات المستنقعات هي تلك التي تعود للعصر الحجري المتوسط والتي قدر أنها تعود للعام 8 آلاف قبل الميلاد هذه المياه أطلق عليها اسم مومياء كويلجيرمان والتي اكتشفت في الدانمارك عام 1941م.
- هذه المومياء وجد منها الهيكل العظمي فقط ولكن أول مومياء كاملة كانت لمومياء كاشيلمان والتي قدر أن عمرها يعودوا للعام 2000 قبل الميلاد أي للعصر البرونزي.
مومياء تولوندمان الشهيرة
ما هي مومياء تولوندمان الشهيرة
أول من قام بخطوة في اتجاه دراسة مومياوات المستنقعات هذه كان الأمير الدانماركي فريدريك وذلك عام 1843 م عندما تم اكتشافه مومياء في منطقتي فوليستر الدانماركية.
ولكن هذه كانت المومياء المبيع مدفونة مع 7 أقداح زجاجية ودبوس برونزي لم يكترث سكان المنطقة للأمر فقاموا كما جرت العادة باستخراج المومياء ودفنها بطريقة لائقة.
الا أن الأمر وصل إلى الأمير فريدريك والذي كان معروفا عنه اهتمامه بالأثريات فأمر بإعادة إخراج المومياء وإرسالها إلى المتحف الوطني الدنماركي.
ولعل أبرز دراسات مومياوات المستنقعات هي مومياء تولوندمان ما والتي اكتشفت عام 1950 م في الدانمارك عندما كان عاملان في إحدى المناجم يبحثان عن الفحم حالة رؤيتهم للمومياء ظل العاملان أنهم أمام جريمة قتل.
تم استدعاء الشرطة والتي بدورها وقعت في حيرة شديدة فهم لم يتمكنوا من تحديد وقت الوفاة ليتم استدعاء أحد علماء الآثار والذي أكد بدوره أن الجثة تعود إلى ما يعرف بالعصر الحديدي وتحديدا إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
نقلت الجثة إلى المتحف الدانماركي لدراستها حالها حال العشرات من المومياوات المكتشفة عن هذه المومياء تقول كارين فري عضو فريق دراسات حول هذا الموضوع.
أن هذه المومياء تمتلك لحياة قدر عمرها بثلاثة أيام قبل وقت الوفاة وأنه يمنحك الشعور بأنه سيفتح عينيه ويكلمك وهو شعور حتى مومياء توت عن أمون لم تمنحنا إياه
لغز مومياوات المستنقعات
كشف لغز مومياوات المستنقعات؟
لتبدأ بعدها سلسلة دراسات الجادة في هذا الموضوع حتي يتم كشف اللغز الغامض والحقيقة وراء مومياوات المستنقعات هذه .
في بادئ الأمر تمحورت الدراسات حول الطبيعة التي وجدت فيها هذه المومياوات فبعضها كان محفوظا بشكل كلي وهي بالأساس المومياوات التي وجدت مطمورة بالكامل في مستنقعات الخث
والبعض كان محفوظا بشكل جزئي وبالأخص الجزء المغطى بالخث لذلك استقر رأي العلماء على أن ما سبب حفظ هذه المومياوات هو الطبيعة تتمتع بها مستنقعات الخث من المياه أسيدية عالية الحرارة منخفضة والنقص الحاد في الأكسجين.
المومياوات أغلبها كان الجلد فيها والأعضاء الداخلية بالإضافة إلى الشعر والملابس محفوظة بشكل ممتاز.
الا أن لون الجلد قد تحول إلى اللون القاتم بفعل الطبيعة الأسيدية للمستنقعات فهل عرفتم الآن لما كان يتم دفنهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر باعتبارهم جثث جديدة
أما العظام والأسان فقط تحللت بمعظمها إلا أن ما أثار دهشة العلماء أن هذه المستنقعات كانت هي القبور التي حولت هذه المومياوات فلم تدفن أو تحرق المومياوات كما جرت العادة في تلك العصور.
ليفتح باب التساؤلات ما الذي أوصل هؤلاء الأشخاص إلى هذه الطريقة من الموت في بداية الدراسات وضع العلماء نظريات تقول بأن هؤلاء الأشخاص قد يكونون من المجرمين أو الخارجين عن القانون.
وذلك بسبب الجروح المختلفة وآثار التعذيب التي وجدت على مومياوات المستنقعات وأغلبها ذبح العنق.
نظرية أخرى وضعها العلماء هي أن هؤلاء الأشخاص قد قدموا كقرابين للآلهة للتكفير عن ذنوبهم أو لشكر هذه الآلهة على مستنقعات الخفة التي كانت تؤمن التدفئة لسكان تلك المنطقة.
ولمعرفة المزيد حول القرابين البشرية عبر التاريخ يمكنك الاطلاع عليها في تلك المقالة من هنا.
ما هي نظرية حول مومياء تولوندمان مومياء المستنقع الشهيرة؟
والذي عزز هذه النظرية مومياء تولوندمان التي ذكرتها سابقا هذه المومياء وجدت مع حبل يلتف حول رقابة الرجل في بداية الأمر وضع العلماء نظرية أن هذا الرجل كان محكوما بالإعدام وقتل شنقا.
الا أن التحليلات للمومياء توالت لتظهر أن الرجل كان يرتدي قبعة من صوف وحزاما حول وسطه فقط.
وأن فمه وعينيه كانا مقفلين ما يدل على أنه طوعا وعلى الأغلب أنه كان قربانا لآلهة الخصوبة في تلك المنطقة.
استمر الاعتقاد أن مومياوات المستنقعات تلك كان أصحابها من سكان المنطقة التي اكتشفوا فيها وعلى الأغلب من الطبقة الفقيرة.
حتى أتت دراسة على مومياواتين لامرأتين أطلق عليهما هالدرسموس ومان و هارالدسكيد ومان لتقلب كل الموازين.
ما هي نتيجة الدراسة علي المومياواتين هالدرسموس ومان و هارالدسكيد؟
ففي حين أن معظم المومياوات وجدت عارية هاتان المومياواتين لم تكن هناك ذلك.
فبعد إجراء الصور السنية والدراسات الكيميائية وجدت آثار لملابس عليهما بدأت أمور كثيرة بالتكشف بعد دراسة هذه الملابس فالمواد التي استخدمت في صناعة ملابس الامرأتين لم تكن من المواد المتوفرة في محيط المنطقة التي تم اكتشاف مومياوات المستنقعات فيها.
والتحليلات الكيميائية أثبتت أن الامرأتين كانتا قد قطعتا مسافة كبيرة قبل الوصول إلى المستنقع ما فتح باب الافتراض أن هاتين الامرأتين ليستا من سكان المنطقة بل من خارجها.
أوله الافتراضات بحسب كارين فري أن هذه المومياوات هي ساحرتين ربما ولكن المزيد من الأبحاث باستخدام تقنيات المايكروسكوب والتحليل باستخدام سترونتيوم ايزو توب أو ما يعرف بنظائر السترونتيوم.
التي قامت بها كارين فري مع فريقها فرضت نظرية أخرى فبعد دراسة ما تبقى من الملابس التي كانت ترتديها مومياء هالدرسموس ومان والتي كانت عبارة عن تنورة مخططة وغطاء رأس من الصوف ووشاحين من الجلد.
هذه الدراسة أثبتت أن هذه المرأة بالاعتماد على المواد التي صنعت منها ملابسها أتت من خارج المنطقة ومن المحتمل أنها قدمت من الدول الإسكندنافية الشمالية.
الأكثر من هذا أن الملابس التي وجدت باللون البني بفعل عوامل المستنقع كانت سابقا مصبوغة باللون الأزرق والأحمر.
هذا الأمر أي صبغ الملابس هو دلالة على الثراء والحالة المادية الجيدة التي كانت تتمتع بها هذه السيدة.
هذا الأمر أكدته أيضا الخط خبيرة في الآثار القديمة في المتحف الوطني في الدانمارك أولا مانيرينغ التي عملت هي وفريقها مع فريق كارين فري في تحليل مومياوتين.
أمر آخر أكد للعلماء أن هذه السيدة كانت سرية فقد وجد أثر لذهب على إصبع هذه المومياء وهو ما اعتبره العلماء أن هذه السيدة من الممكن أنها كانت مرتدية لخاتم من الذهب تحلل بفعل الأسيد من المستنقع خلال هذه السنوات الطويلة.
تابع الفريقان بحثهما وهذه المرة انتقلا إلى المياه الثانية هارالدسكيد ومان والتي اعتقد في بادئ الأمر أنها مومياء الأميرة النرويجية غانهيلد .
وتم نفي هذا الأمر لاحقا هذه المومياء تم دراسته شعرها الذي وجد بحالة جيدة بالإضافة إلى بقايا ملابسها لتثبت هي الأخرى أنها من خارج المنطقة وذات ثراء أيضا .
رأي العلماء في مومياوات المستنقعات
ما هو رأي العلماء في مومياوات المستنقعات
كل هذه الأمور أثارت حيرة العلماء وبالأخص أن تلك الفترة أي العصر الحديدي لم تترك أي كتابات مسجلة ما يجعله تلك الحقبة بتاريخ لها ومعتقداتها غامضة.
ففي حين أنه كان من المعروف أن المجتمعات كانت منغلقة أو معزولة اجتماعيا كل في منطقته تأتي الأبحاث لتبين حصول نوعا من التبادل التجاري بين المناطق.
ولعدم وجود سجل يمكنه من معرفة المعتقدات السائدة في تلك الفترة لم يتمكن العلماء من الجزم بفرضية القرابين لآلهة المستنقعات.
ففي حين نرى أن فري ومانيرينغ وفريقيهما يطرحان فرضيات أن هؤلاء الأشخاص قدموا كقرابين بشرية تعارض الفكرة الباحثة في علم مومياوات هيزير فيركينغ .
والتي ترى أن ما توصلت إليه فري وفريقها حول كون هؤلاء الأأشخاص قد أتوا من خارج المنطقة دلالة على ما كانت قد قدمته هي منذ سنوات حول أن هذه المومياوات ليست بقرابين إنما هي لأشخاص من خارج المجتمع.
وتقول هيزير في هذا الخصوص أنه من الممكن أن هؤلاء الأشخاص إما كانوا متزوجين من المجتمع الدانماركي أو أنهم كانت تجار من مناطق أخرى.
وتضيف هيزير الزواج حول التساؤل لما تم وضعهم في المستنقع دون دفن أو حرق كما جرت العادة يحملوا إجابتين
- إما أنهم لم يكونوا قد اندمجوا مع مجتمعهم الجديد
- أو أن المجتمع لم يعرف عادات الدفن لدى الأشخاص الذين أظهرت بعض الدراسات أنهم وضعوا في المتستنقع بعد موتهم ما يبعدوا .
الا أن نظرية القرابين ولكن دراسة أخرى نشرها نيلز نيليروب عالم بالأنثروبولوجيا في جامعة كوبنهاغن بعد دراسته عدة مومياوات أعادت فكرة القرابين البشرية إلى الواجهة.
ولكن مع تساؤل جديد فبحسب نيلز قد تكون فعلا هذه المومياوات قرابين بشرية وقد تكون من خارج المنطقة ولكن لماذا هؤلاء الأشخاص ومن هم وبالأخص إن كانوا من خارج المنطقة ما الذي دفعهم إلى القدوم إلى مناطق غريبة عنهم والتضحية بنفسهم.
يطرح نيلز عدة افتراضات إحداها أن هؤلاء الأشخاص لهم مكانة خاصة في مجتمعاتهم ما خولهم من يكونوا قرابين وهو معروف أنه فخر لدى تلك الشعوب .
هذه الفرضية تفسره الملابس الثمينة وأثار الذهب على مومياوات المستنقعات والتي ذكرناها سابقا ولكنها لا تفسر عملية الشنق التي تعرضت لها مومياء تولوند
وهنا تظهر الفرضية الثانية وهي أن هذه المومياوات كانت رهائن من مناطق مجاورة فضلت أن تكون أضاحي على أن تكون من الأسرى أو العبيد.
يربط أيضا نيلز في دراسته بين طقوس العبادة لدى شعب الإنكا وهذه المومياوات فيقول أنه من الممكن أن الشخص توجه تلقائيا إلى المستنقع ليكون قربانا للآلهة.
ما يفسر المومياوات العارية التي وجدت ولكن ماذا عن المومياوات التي وجد عليها أثار تعذيب الجواب بكل بساطة أنه وحتى يومنا هذا لم يتم التوصل إلى جواب حاسم بشأن مومياوات المستنقعات
وذلك ببساطة لأنه لا نمط معين يظهر لدى العلماء فكل مومياء تكتشف تفتح الباب لتساؤلات جديدة وكل فرضية توضع تظهر فرضية لتنقضها وأفضل ما يلخص وضع العلماء الحالي.
هو ما صرحت به لوته هيديغير عالمة الآثار الدانماركية والبروفيسور في علم الآثار في جامعتي أوسلو حيث قالت لن نستطيع أن نكشف الغطاء عن حيثيات الحياة والموت لهؤلاء الأشخاص الذين عاشوا قبل أكثر من ألفي عام
بقايا مومياوات المستنقعات ستبقى السر الحقيقي للمستنقعات.
إذا أصدقائه هذا ما استطعنا التوصل إليه حول مومياوات المستنقعات فمن الاكتشافات القديمة لمومياوات المستنقعات المدفونة في ظروف غريبة إلى التحنيط الطبيعي الذي تعرضت له هذه الجثث .
ثم مرورا بالدراسات والأبحاث والفرضيات العديدة في محاولة من الباحثين والدارسين لفك بعض الغموض الذي رافق ويرافق مومياوات المستنقعات .
وتبقى الأسئلة المحيرة قائمة من مومياوات المستنقعات وهل كانوا فعلا أشخاصا مجرمين عوقبوا بهذه الطريقة البشعة.
أم أنهم كانوا قرابين ذهبوا بملء إرادتهم إلى حتفهم وما الذي دفع بعضهم إلى السفر بغية الموت وهل لذلك سرا ونبذل دفينا حاله كحال تلك العصور الغامضة لا أحد يعلم .
ولمعرفة المزيد حول قصص الغموض أو قصص ما وراء الطبيعة و قصص العالم الخفي عموما من هنا.