الآثار المصرية فى العصر الفاطمي  

جامع الأزهر الشريف 

كتبت/ إنتصار حمدان 

المقدمة:

الأزهر بيت العلم العتيق ، ومثابة الثقافة الإسلاميه قرونًا متصلة ،وحفظ التراث الإسلامي ديناً ولغة من عاديات الزمن ، ونشره فى الآفاق ، ولم يبخل به على طالب علم قصده من مشارق الأرض أو مغاربها وقد ظل الأزهر طوال (ألف سنة) ، ومازال حتى اليوم كعبة العلم والدين ، وقد تخرخ فيه أفواج وأفواج من جلة العلماء انتشروا فى بقاع الأرض ، وحملوا معهم مشاعل المعرفة والثقافة التى تزودوا بها فى الأزهر. 

بناؤه:

بدأ العمل فى المسجد الجامع الأزهر يوم (السبت ٢٤ جمادي الأولى من سنة ٣٥٩ه‍ /٤أبريل ٩٧٠م) ، وتم البناء فى شهر رمضان من (سنة ٣٦١ هجرية) ، وأقميت به (أول صلاة الجمعة) فى (اليوم السابع) من ذلك الشهر (يوم ٢٢ يونية ٩٧٢م).

وأمر ببنائه “عبد الله” ووليه “أبو تميم” معد الإمام “المعز لدين الله” على يد “عبده جوهر الكاتب الصقلى” . 

تسميته:

قد أطلق على هذا المسجد اسم الأزهر ، نسبة إلى “فاطمة الزهراء” التى ينتسب إليها الفاطميون أو لأنه كان يحيط به قطور فخمة وتسمى بالقصور الزهراء . 

اسباب بنائه:

قام “المعز” بتأسيس الأزهر ليبثوا تعاليم الشيعة ومبادئهم ودعوتهم عن طريق السر والخفاء أحيانًا ومن الجهر والعلانية فى غالب الأحيان ، وكانوا يدرسون الفقه الفاطمى علانية لأنه الوسيلة المناسبة التى يستطيعون بها الدخول على سائر الشعب المصري ، الذى كانت تغلب عليه السنة ومذاهبها، وكان القائم بهذه الدعوة هو داعى الدعاة ، وقد خصص لداعى الدعاة قسم كبير من قصور الخلفاء الفاطميين ، وكان يساعده فى نشر تعاليم الفاطمية (إثنا عشر نقيباً) ،وكان الداعى فوق هذا يعقد المجالس ويقرأ على الناس من مصنفاته ، ويعقد للنساء مجلساً خاصا بالأزهر ، وفيه يلقنهن أصول مذهب الإسماعيلية أو الفاطمية. 

الأزهر معهدًا للعلم والتعليم:

وفى (عام ٣٧٨-٩٨٨) استأذن “ابن كلس” الخليفة “العزيز بالله” فى أن يعين بالأزهر جماعة من الفقهاء للقراءة والدرس ويحضرون مجلسه ويلازمونه ويعقدون مجالسهم بالأزهر فى كل جمعة من بعد الصلاة حتى العصر ، وكان عددهم (سبعة وثلاثين فقيهاً) ، وكان رئيسهم ومنظم حلقاتهم هو الفقيه “أبو يعقوب” قاضى الخندق ، وقد رتب لهم “العزيز” أرزقا وجرايات شهرية ، وأنشأ لهم داراً للسكنى بجوار الأزهر ، وفى هذا يدل على أن “ابن كلس” كان وزيراً عظيماً وعالماً جليلاً .

وكان يعقد بداره مجالس علمية وأدبية دورية ، ينتظم فى سلكها أكابر الفقهاء والأدباء والشعراء ، وكان يشرف بنفسه على هذه المجالس.

التجديدات التى حدثت فى الأزهر:

نظرا لما أصاب الجامع من تصدع من جراء زلزال (سنة ٧٠٢ه‍/ ١٣٠٣م) ،أمر السلطان “الناصر محمد بن قلاوون” ، نائب السلطنة الأمير “سلار” بعمارته ، وتجديد مبانيه وما تهدم منها ، ثم توالت عليه الإضافات والإصلاحات طوال زمن المماليك ، وجددت أيضا عمارة الجامع الأزهر سنة (٧٦١ه‍/ ١٣٥٩م) على يد “الطواشى سعد الدين بشير” و “الجمدار الناصري” الذى أزال المقاصير الكثيرة التى استجدت بالجامع كما أخرج الخزائن والصناديق التى ضاق المكان بها ، وتتبع جدران المسجد وسقوفه بالإصلاح ، حتى عاد إليها رونقها وبدت كأنها جديدة ، كما طلى الجامع بالدهان ورتب فيه مصحفا.

كذلك أضيف إلى الجامع الأزهر فى إبان عصر المماليك الجراكسة (مدرسة ثالثة) فى الطرف الشمالى الشرقى عند باب السر ، وهى المدرسة الجوهرية ، وقد أنشأها الأمير “جوهر القنقبائى”.

الخاتمة:

ولقد أصيبت الحياة العقلية فى مصر الإسلامية بكثير من الاضطراب والضعف فى (أواسط القرن الخامس الهجرى) ، ونكبت مصر بالشدة العظمى ، وعانت عسف القحط والوباء أعواماً طويلة عام (٤٤٦- ٤٦٤) ، وشغل المجتمع المصرى حينها بما توالى عليه من الأرزاء والمحن ، وشغل الخلفاء ورجال الدولة بالتنازع على السلطان ، وقترت الدولة على معاهد التعليم لنضوب مواردها ، وبددت خزائن الكتب أثناء الفتنة وكانت من أنفس وأعظم ما عرف العالم الإسلامي ، وكان لهذا الاضطراب أثره فى الأزهر ودار فركدت حركت الدرس والتحصيل تبعاً لركود الحياة العامة واضطراب الحياة الخاصة.

المراجع/

١- محمد عبد المنعم خفاجي ، على على صبح : الأزهر فى ألف عام ، الأزهرية للتراث، ٢٠١١،ص(٣١،٣٢،٥١).

٢- احمد عبد الرازق احمد: تاريخ وآثارمصر الإسلامية من الفتح العربى حتى نهاية العصر الفاطمي، القاهرة، دار الفكر، ١٩٩٩،ص (٢٢٦،٢٢٨،٢٢٨).

٣- احمد فكرى: مساجد القاهرة ومدارسها، القاهرة، دار المعارف، ٢٠٠٨،ص(٤١).

——————————————————————————

((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))

#مبادرة_حكاوى

#الموسم_الخامس

#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ