مصادر تلك الأساطير الإغريقية

مصادر تلك الأساطير الإغريقية

جدول المحتوي

IMG 20231125 WA0088

أساطير الإغريق 

 

كتبت/ روناء نصر

 

المقدمة: 

 

لا يكاد يخلو عمل من اعمال الكتاب الاغريق والرومان من إشارات مباشرة أو غير مباشرة إلى الأساطير الاغريقية ، لذا فإن مصادر الأسطورة عند الاغريق متعددة ومتباينة ، لكن هناك بعض الأعمال التي يشير فيها مؤلفها إلى إشارات عابرة أو يذكرون تفاصيل مبتورة لإحدى الأساطير ، لذا فإنه من العبث محاولة ذكر كل تلك المصادر ، بل من الضرورى الاكتفاء بالتعرض للأعمال التى تعتبر المصادر الرئيسية للأساطير الأغريقية، وأول هذه المصادر وأقدمها وأهمها الإلياذة والأوديسا ، هاتان الملحمتان الرائعتان اللتان تنسبان إلى شاعر إغريقي أعمى يدعى “هوميروس” . 

 

ملحمتا الإلياذة والأوديسا: 

 

 لقد ظلت هذه الفكرة سائدة حتى بداية عصر المسيحية ، ثم ظهرت آراء متناقضة حول شخصية مؤلف هاتين الملحمتين ، أنكرت فئة من الدارسين وجود شاعر يعرف باسم “هوميروس” واعترفت فئة أخرى بوجود “هوميروس” تاريخياً ، لكنها اختلفت حول العلاقة بينه وبين هاتين الملحمتين ، فهناك من قال أن “هوميروس” لم ينظم الإلياذه والأوديسا ، بل جمع أناشيد غيره ، إذ كان يقوم بإنشادها في حضرة الملوك والنبلاء ، ثم نسق بين فقراتها وربط بين أجزائها ، وبذلك ظهرت ملحمتان رائعتان هما الإلياذة والأوديسا هناك أيضا من يقول إن “هوميروس” لم ينظم سوى الإلياذة فقط ، بينما نظم الأوديسا شخص آخر حاول أن يسير على نهج “هوميروس”. 

 

مهما اختلفت الآراء حول ناظم الإلياذة والأوديسا ، فإن ذلك لا يغير من الأمر شيئاً، فالإلياذة والأوديسا هما دون شك أقدم الأعمال الأدبية التي وصلتنا من التراث الاغريقي ومن المحتمل أنها قد ظهرت فى الوجود أثناء (القرن العاشر قبل الميلاد) ولسنا هنا بصدد الحديث عن روعة هاتين الملحمتين وجمالها ، إن الإلياذة والأوديسا مليئتان بالأساطير الاغريقية ، فهما كنز لا يفنى ومعين لا ينضب ، نهل منه الشعراء والكتاب الاغريق فيما بعد ، وربما يقصد ذلك المعنى المؤرخ الاغريقي “هيرودوتوس” حين يقول إن “هوميروس” و”هيسيودرس” هما اللذان أثبتا لليونانيين أنساب المعبودات وأطلقا عليها ألقاباً وفصل عباداتها واختصاصاتها ، وبين أشكالها . 

 

إن هذه النقطة بالذات هي التي تهمنا في هذا الصدد، فلقد أصبحت الإلياذة والأوديسا فيما بعد دستوراً للاغريق، وهادياً لهم ، ومركزاً للمعلومات التى يحتاجون إليها في مجال علاقاتهم فالمعبودات والبشر مختلطون اختلاطاً تاماً ويشكلون عالماً (واحداً) بالمعبودات في الإلياذة والأوديسا .

 

صور المعبودات فى عصر هوميروس:

 

 نعلم أن المعبودات فى عصر “هوميروس” كانت لها شخصيات محددة وصور ناسوتية ، ولكن هذه الصورة الناسوتية لم تكن قد استطاعت بعد أن تطمس تماماً تلك الصور اللاناسوتية التي تشير إلى أصل تلك المعبودات ونشأتها فإن الأساطير الاغريقية كما صورها “هوميروس” في ملحمتيه الإلياذة والأوديسا هي وحدها التي تظهر في صورة أقل بدائية وخشونة عن الأساطير التي يراها “هيسيودوس” عن المعبودات . 

 

فالمعبود “زيوس” والمعبودة “هيرا” والمعبود “أبوللون” والمعبودة “أرتميس” ، وكل هؤلاء المعبودات التي تحددت سماتهم التقليدية في كل العصور التالية لعصر “هوميروس” قد صورهم شاعر الإلياذة والأوديسا في صورة نبيلة فاضلة إذا ما استثنينا بعض الصفات اللاناسوتية أو الشريرة التي كانت توصف المعبودات بها في بعض الأحيان والتي تعتبر في حد ذاتها بقايا العنصر البربري للاعقلانية التي هي مظهر من مظاهر الأسطورة في مراحلها البدائية ، وإن “زيوس” عند “هوميروس” هو السلطان الذي يحكم مجتمع صوره “هوميروس” معبوداً عادلا رحيما ، والدا لشعبه ، منتقما للضعفاء ، ويتجمع من حوله بقية المعبودات تماماً مثلما تفعل الطائفات الناسوتية العقلانية تشكل هذه الحكومة المقدسة دولة ذات حكم فردي ، وهي صورة مأخوذة من نظام الحكم الاغريقي في ذلك الوقت.

 

يسود كلا من البشر والمعبودات مسحة من الصداقة والثقة المتبادلة التي تمنح العقيدة الاغريقية كما صورها “هوميروس” طابعاً سائغاً تلقائياً قد لا يظهر عادة بوضوح في العصور التالية “لهوميروس” .

 

 لقد كانت الإلياذة والأوديسا وما زالتا حتى الآن السجل الرسمي لعقيدة الإغريق والمرجع الأساسي لدارسي أساطيرهم . 

 

المرجع/

عبد المعطي شعراوي،أساطير اغريقية. 

 

——————————————————————————

((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))

 

#مبادرة_حكاوى

#الموسم_الخامس

#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top