حكم وليم لإنجلترا
كتبت/ سمر محمد
نتائج معركة هاستنجز:
لقد كان يوم (الرابع عشر من أكتوبر عام 1066م) أحد الأيام الحاسمة في التاريخ، فالمعركة نفسها كانت قد انتهت، ولم يتبقى منها سوى بضع عمليات بسيطة هنا أو هناك أو توزيع هديه نصر، ولو قدر “لهارولد” أن يفوز عند هاستنجز ويبقى على قيد الحياة، لما كان له أية فرصة سوى أن يتخلى عن حقه في العرش، ولكان من المحتمل ولو بنسبة بسيطة أن يحاول شخص ما غزو إنجلترا خلال (الألف) سنة التالية، ولو على الأقل بطريق البحر، ولما وثَّقت إنجلترا صلاتها مع اسكندنافيا، ولظلت تنظر إلى القارة الغربية بعين من الشك والريبة أكثر مما هي عليه الآن، ولما استطاعت الحضارة الانجلو سكسونية المحلية أن تتطور بطريقة تفوق التصور، ولما أمكن “لوليم الفاتح” أن يعرف في التاريخ باسم “الفاتح” في مدى قصير، ولظل اسمه يتردد على أنه الابن غير الشرعي أو المشكوك في أصله فحسب.
دخول وليم لندن:
ولكن وكما حدث فإن النورمان تحقق لهم النصر في هاستنجز، ليس في المعركة فحسب، بل وفي الحرب كذلك، وبوفاة “هارولد” وأخويه فقد ضاعت الزعامة الأنجلو سكسونية، ولم يعد هناك منافسون خطرون “لوليم” على التاج الإنجليزي، ومن ذلك الحين فصاعداً تم التخلص منهم، وبعد شهر من المعركة دخل “وليم” لندن، وفي يوم عيد الميلاد عام (1066م) تم تتويجه ملكاً على الإنجليز.
وليم ملك على الإنجليز:
وقرر الملك الجديد أن يواصل تقسيم الغنائم، وما عمله كان بسيطاً للغاية، فقد امتلك كل الأراضي الزراعية في إنجلترا، وقام بتوزيع حصص معينه من هذه الأرض على أتباعه المخلصين كمستأجرين، وفي حالة عدم وجود ورثة لهم فقد كانت هذه الأرض تعود إلى التاج، وبذلك كانت إنجلترا البلد الإقطاعي الحقيقي، فمن آلت إليهم الإقطاعات الكبرى كانوا مستأجرين بشكل رئيسي أو بارونات، ويقومون بإعانة أتباعهم بإعطائهم جزءًا من إقطاعياتهم، أي منحهم جزءًا من الأرض في ظل الالتزامات التي تم فرضها على الأفصال، وهكذا كان هناك حوالي (5000) من الفرسان تحت أمر الملك، ولكي يضمن “وليم” تدعيم حكمه فإنه أمر بتشييد عدد من القلاع الملكية في شتى أنحاء المملكة.
وكرجل أعمال جيد وتواق لجمع المال، فإن “وليم” أمر بعمل إحصاء رسمي ومسح للموارد الطبيعية في مملكته كلها، لم يشمل البشر فحسب، بل شمل حتى الأبقار والخنازير، وهذا الإجراء غير العادي أغضب المشاغبين والحانثين بالإيمان؛ ذلك لأن أتباع “وليم” الجدد كانوا على يقين أنهم سوف يقومون بدفع ضرائب ثقيلة على كل الممتلكات التي سوف يتم تسجيلها، أما الممتنعون عن التسجيل فقد كانوا يحاكمون بشدة أمام محاكم هي أشبه بمحاكم العامة، التي أقيمت في كل مكان ليوم الحساب، لهذا فإن تقارير الإحصاء كانت، ولا تزال تسمى بدفاتر الأرض الزراعية، وهي تعد من أهم المصادر التاريخية القيمة في العالم.
اختفاء الأرستقراطية الأنجلو سكسونية القديمة:
كما أن هذا الغزو قد أحدث تحولاً في البنية الإجتماعية في إنجلترا، حيث أخذت الأرستقراطية الأنجلو سكسونية القديمة في الإختفاء، ولم يعد لها أثر وذابت وسط أصحاب الإقطاعات الزراعية، وفي عام (1087م) استقر ما يقرب من (200 ألف) من النورمانيين والفرنسيين في إنجلترا، وانخرطوا في السكان المحليين، والذين زاد عددهم إلى أكثر من (المليون)، وكان كثير من الفرسان الجدد القادمين قد تزوجوا بفتيات محليات، وسرعان ما أخذ أولادهم يتحدثون الإنجليزية أكثر من الفرنسية.
تحقق الأمن والنظام في فترة حكم وليم:
أضف إلى ذلك أن فترة حكم “وليم” القوية قد حققت لإنجلترا الأمن والنظام، ذلك أنه كان في استطاعة أية فتاة أن تمر في إنجلترا من أقصاها في سلام، بما تحمله من ذهب وفي أمن حسبما يذكر ذلك أحد المؤرخين، بينما كانت البلاد تعاني من الفوضى السياسية في ظل من خلف “وليم” من حكام ضعفاء، ويقول أحد المؤرخين: “كما أن الأرض لم تنتج القمح، وكأنك كنت تحرث في البحر، ذلك لأن الخراب كان قد شمل الأرض الزراعية لدرجة أنه قيل علناً وبصراحة أن المسيح والقديسين كانوا في غفوة”.
يتبع …..
المرجع/
تاريخ أوروبا في العصور الوسطى.
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ