مقدمة
هل الفلسطينيون باعوا أرضهم؟ مشكلة قديمة جديدة عادت إلى الواجهة والتداول بقوة في الآونة الأخيرة، وتحديدا مع الأحداث التي ما زالت تدور في غزة خصوصا، وفي فلسطين عموما، البعض أصبح يشكك بالقضية الفلسطينية و بأحقية أهلها في أرضهم، بسبب ما يتواتر عن بيعهم أرضهم لليهود آنذاك.
في البداية كانت هذه الجملة تتردد في الغرب، ولكن اليوم بدنا نسمعها حتى في أوساطنا العربية، جدل كبير ولغط أكبر حول هذا الموضوع، نقاشات حادة تدور في الخفاء وفي العلن،
وبعض جهابذة وسائل التواصل الاجتماعي، أضحى يتغنى بهذه الجملة ليبرر ما لا يمكن تبريرها، ولكن الأهم ما وراء هذه الجملة ليست قصة عادية، بل مؤامرة بكل ما للكلمة من معنى،
تمتد خيوطها من قبل رجال الظل منذ قرون، وتحديدا منذ القرن التاسع عشر، أي قبل النكبة المشؤومة بعقود كثيرة. خذوا نفسا عميقا واستعدوا لأنني سأروي لكم قصة مؤلمة يجب عليكم سماعها والتمعن فيها، لكي تحددوا بعدها أنتم هل حقا الفلسطينيون باعوا أرضهم؟
هل الفلسطينيون باعوا أرضهم حقا؟
تعود بداية القصة أو المؤامرة إن صح التعبير إلى العام 1827، عندما قام الثري اليهودي البريطاني موسى مونتيفيوري بزيارة أرض فلسطين لتفقد أحوال اليهود هناك.
نعم كان هناك يهود على أرض فلسطين كحال أي ديانة أخرى، وأي بلد آخر شهد وجود اليهود على أرضه تماما كحال المسيحيين والمسلمين، مونتيفيوري، هذا كانت تربطه علاقة مصاهرة مع عائلة روتشيلد الغنية عن التعريف، أبقوا هذا الأمر في أذهانكم، فسنعود إليه لاحقا،
إذا وصل مونتيفيوري إلى فلسطين فتفاجأ بأن اليهود الذين كان يبلغ تعدادهم آنذاك 500 فرد مقابل مليون ونصف فلسطيني. كان في حالة مريعة، فهم كانوا يعانون من الفقر والانحطاط الأخلاقي غير الجديد عليهم.
الأمر لم يعجب الثري اليهودي، وبدأت الأفكار تدور في رأسه كيف سيستطيع المساعدة؟ الحل يجب أن يكون بإنشاء ملاجئ لهؤلاء وتجميعهم في مكان واحد.
وبالفعل بدء مونتيفيوري سعيه، الذي استمر لسنوات، في البداية، كان الرفض التام هو الجواب من الباب العالي لتمليك موسى مونتيفيوري ومن خلفه اليهود أي قطعة أرض.
ولكن مع تزايد ضعف السلطنة العثمانية، وتدخل بريطانيا الأم الحنون، تم سن فرمان أو قانون عام 1849 يسمح للأجانب واليهود بشراء أراض في الأراضي المقدسة، بحسب تعبيره.
هذا القانون تم وقف العمل به عام 1892 نتيجة تنبه العثمانيين لأطماع اليهود، ولكن كان الأوان قد فات مونتيفيوري قام فعلا بشراء قطعة أرض من السلطنة العثمانية مباشرة عقب صدور القانون وأنشأ عليها أول مستعمرة يهودية خارج أسوار البلدة القديمة في القدس، وافتتاحها رسميا عام 1869، لتصبح نواة أول حي يهودي في فلسطين.
إلى هنا كان يمنع على أي أجنبي امتلاك أراضي في فلسطين، والمملوك منها لا يتعدي ال 30%، فيما كانت 70% من أرض فلسطين أراضي أميرية أو مشاعات كما هو معروف، وكان تشغيلها وتوزيعها يتم عبر قرعة بين السكان القرويين الفلسطينيين، من يقع عليه الدور يتسلم أرضا ويقوم بزراعتها واستصلاحها والاستفادة من ريعها.
الأمور كانت على ما يرام، الكل ينتفع من الأرض، والكل يأكل من خيرها إلى أن قامت السلطنة العثمانية بإصدار قانون الطابو عام 1859، والذي فرض تسجيل الأرض الخاصة على اسم مستعملها ومالكها، وهنا بدأت المشاكل.
القرويون بدأوا يتهربون من تملك أي أرض هربا من دفع الضرائب الباهظة التي فرضتها السلطنة العثمانية لتغطية العجز في خزينتها من جهة، ومن جهة أخرى، كي لا يتحتم عليهم إرسال أبنائهم إلى التجنيد العسكري، وفقدانهم نهائيا.
هذا التهرب أضيف إليه القانون الذي يتيح تملك الأجانب جعل ملكية الأراضي تتركز بيد الأثرياء، الذين كان معظمهم من العائلات العربية، إضافة إلى نسبة قليلة من الرأسماليين الأوروبيين ومن خلفهم الصهاينة.
في غضون ذلك تنبه الفلسطينيون للمخطط الاستيطاني الصهيوني منذ بدايته فالهجرة اليهودية بدأت تتخذ منحا متصاعدا ومعها بدأت وتيرة الصدامات بين أصحاب الأرض و المستوطنين الجدد ترتفع، و الأطماع اليهودية بدأت تظهر إلى العلن، وهو ما دفع السلطنة العثمانية إلى إلغاء قانون تملك الأجانب عام 1892 كما ذكرنا سابقا.
توالت السنون وتزايدت حالات خسارة الفلاحين لأرضهم بسبب المراباة لصالح الإقطاعيين وفي نفس الوقت كانت السلطنة العثمانية تضعف أكثر فأكثر و العجز في الخزينة يرتفع مقابل الزيادة في المصاريف والحروب القائمة وغير ذلك.
ما حدي السلطنة العثمانية إلى وضع اليد على أراض زائدة عن حاجة القرى وعرضها في المزاد للبيع. وطبعا، كان الأغنياء الأوروبيون هما أصحاب الحظ، ومن خلفهم اليهود،
تعددت العائلات التي تملكت الأرض الفلسطينية. وذكرت كتب المؤرخين الكثير من العائلات أمثال عائلة العمر الدمشقية، وكذلك القباني والعكراوي، وعائلة الكونت شديد من مصر والبهائي من إيران،
لكن تبقى أبرز هذه العائلات والتي امتلكت أغلبية الأراضي، عائلة سرسق اللبنانية المنحدرة من اليونان، هذه العائلة كغيرها من العائلات العربية الثرية، لم تكن تقيم في فلسطين أو حتى في لبنان، بل كانت تتخذ من فرنسا مقرا لإقامتها.
وعندما أتيحت الفرصة أمامها لاستملاك الأراضي في فلسطين. بدر أفرادها إلى شراء مساحات كبيرة، أبرزها مرج بن عامر، أكثر مناطق فلسطين خصوبة.
هذا المرج، البالغ مساحته 400,000 دنوم. كان محط اليهود منذ بداية هجرتهم إلى فلسطين، وأولى محاولات شرائه كانت عام 1891 عندما بدأ ياهوشو هان كين أحد أبرز رواد الصهيونية والذي كان له الدور الأكبر في شراء الأراضي الفلسطينية، مفاوضات لشراء هذا المرج،
الأمر فشل. بسبب الحظر الذي فرضته السلطنة العثمانية على الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ولكن المحاولات لم تتوقف، فتمت أول عملية شراء في شمال فلسطين عام 1901، لتتوالى بعدها عمليات الشراء من آل سرسق أبرزها بيعهم 10,000 دنم حول قرية الفولى عند سفح جبال الناصرة في مرج بن عامر للصندوق الوطني اليهودي،
الأمر الذي أثار غضب الفلاحين الفلسطينيين، فقاوموا صفقة، وأرسل رسائل كثيرة إلى الصدر الأعظم، يشكون فيها بيع أرضهم للصهاينة، وهو ما اعتبر أول عمل منسق ضد الأنشطة الصهيونية المتنامية.
وتيرة البيع خفت بشكل كبير نتيجة الحظر الذي فرضه العثمانيون على بيع الأراضي الفلسطينية لليهود، وبالفعل إبان سقوط الدولة العثمانية عام 1918 كان اليهود يمتلكون فقط 1.5% من أرض فلسطين كافة، أغلبها من عائلات عربية.
لكن مع سقوط الدولة العثمانية و وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، انقلبت الأحوال إلى الأسوأ، فتم إلغاء القوانين العثمانية، وعاودت المنظمات اليهودية المدعومة من الأثرياء الأوروبيين عملها وبقوة.
خصوصا مع إصدار البريطانيين قانونا يمنع أصحاب الأراضي العرب، أي تلك العائلات العربية التي ذكرتها سابقا، من دخول فلسطين بحكم أنهم أصبحوا أجانب،
فبادر هؤلاء طبعا إلى بيع أراضيهم إلى الصناديق المختلفة، التسمية التي كان للشيخ الصهيونية مناحيم اوسشكين الدور الأبرز في إنشائها وإرساء قواعد الاستيطان من بعدها، وأبرزها طرد العرب والفلسطينيين بعد استملاكها،
ثم توطين اليهود فيها، بالإضافة إلى استيلاء البريطانيين على الأراضي غير المملوكة بحجة المشاريع الإنمائية، ومنحها في الخفاء للمنظمات الصهيونية
التي بادرت بدورها إلى تشجيع يهود العالم على الهجرة إلى أرض الأجداد كما أسموها هذا بالإضافة إلى إصدار قوانين تمنع فلسطينيين الخارج من امتلاك أراضي في بلدهم الأم،
وبالفعل ما بين العام 1918 وال عام 1925، تم بيع كامل أراضي مرج بن عامر للصهاينة وتشريد ما يزيد عن 2546 أسرة من قراه ال22، كل هذا الضغط والمكر والحيلة من البريطانيين بالدرجة الأولى لتمليك اليهود، كان تنفيذا لوعد بلفور المشؤوم الذي أرسله من لا يملك الأر. آرثر بلفور إلى اللورد اليهودي الثري، وولتر دي روتشيلد،
واعدا إياه بإنشاء وطن قومي يهودي. في فلسطين هل تذكرونه؟ نعم. هو من تربطه علاقة مصاهرة مع موسى مونتيفيوري، أول من أنشأ مستعمرة يهودية في فلسطين.
ألم أقل لكم أنها مؤامرة مخطط لها منذ عقود كثيرة خلت، أليس كذلك؟ لنكمل
الفلسطينيون منذ البداية استشعروا الخطر، ورغم أن الهجرة اليهودية لم تكن لكن بالزخم المطلوب، إلا أنها كانت موجودة، وتهيئ الأرضية المناسبة لها من قبل البريطانيين والمنظمات والصناديق اليهودية،
الأمر الذي حدا بمؤتمر علماء فلسطين الأول إلى إصدار فتوى تحرم بيع أي شبر من أرض فلسطين لليهود عام 1935 وتعتبر كل من تسول له نفسه بيع أرضه لليهود مارقا من الدين، ويحرم من الدفن في مقابر المسلمين،
بالطبع بعض الفلسطينيين قاموا ببيع أرضهم تحت الترهيب أو الترغيب، ولكنهم قلة قليلة تكاد لا تذكر محاولات الفلسطينيين ومقاومتهم منذ ذلك الوقت أتت بثمارها حقا .
فبحسب المؤرخ اليهودي الأمريكي مايكل آر فيشباخ في كتابه المعنون سجلات السلب أملاك اللاجئين الفلسطينيين، والصراع العربي الإسرائيلي، فإن اليهود لم يمتلكوا أكثر من 7% من أرض فلسطين قبل عام 1948. فما الذي حدث؟ هنا أنصتوا جيدا.
قبلها بعام بالضبط، أعطيت الشرعية عبر الأمم المتحدة الاغتصاب 57.7% من أرض فلسطين. البيضة مقابل 42.3% لأهل الأرض وتم وضع القدس تحت الانتداب الدولي.
طبعا الفلسطينيون ومن خلفهم العرب رفضا لقرار جملة وتفصيلا، ولكن هيهات، ما خطط له في الخفاء كان أعظم القتل والتهجير كانا أساس تنفيذ هذا القرار، ولعل الخطة دالت الشهيرة هي أبرز مظاهره.
الخطة التي بدأت في مارس من العام 1948 واستمرت ستة أشهر، شهدت أفضع المذابح والجرائم بحق أهل الأرض لغرض طردهم واحتلال أراضيهم، وليست بصدفة أن يولد الكيان المغتصب في نفس يوم إعلان انتهاء الانتداب البريطاني في 14-5-1948 .
المجازر التي كان الصهاينة قد بدءوها منذ ثلاثينات القرن الماضي، ازدادت وتيرتها بعد إعلان قيام الكيان المغتصب، فكانت المذابح المختلفة من شمال فلسطين إلى جنوبها، ف شرقها وغربها من الطنطورة إلى دير ياسين، وكفر قاسم وخانيونس، وتل الزعتر
وغيرها الكثير من المجازر الفظيعة التي أدت في نهاية الأمر إلى هروب أكثر من 800,000 فلسطيني من قراهم .
معظم من ترك أرضه وبيته كان يظن أن هذا الرحيل مؤقت إفساحا في المجال أمام الجيوش العربية لتحرير الأرض وهزيمة الصهاينة، تماما كحال نزوح السكان المدنيين خلال الحرب في أي دولة من دول العالم.
ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، لا الجيوش العربية هزمت إسرائيل، ولا الأرض عادت، بل على العكس، تم احتلال المزيد منها حتى العام 1967، والباقي نعرفه جميعنا.
أقيمت المستعمرات على جثث الفلسطينيين وفوق قبورهم، واستوطن اليهود على دماء أهل الأرض، وما زال الأمر مستمرا على مرأى من العالم أجمع، ورغم كل ذلك مازالت بعض الأصوات تصدح بالداعية أن الفلسطينيين هما باعوا أرضهم، فمن أين أتت الفكرة؟
الواضح إن الأمر هو نوع من البروباجاندا الصهيونية لتبرير احتلال اليهود للأرض الفلسطينية.
الدعاية الصهيونية تنوعت فتارة تكون فلسطين أرض الأجداد وهما الموعودون بها وتارة أخرى هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وطورا يقال أنهم اشتروا الأراضي بالمال من أصحابها. وهو تناقض كبير بين الروايتين، يفضح الكذب في كليهما.
فكيف اشترى اليهود الأرض بأموالهم؟ إن كانوا يدعون أنها كانت أصلا بلا شعب؟
الملفت في الأمر أن تكذيب هذه الرواية التي على لسانهم هما وليس نحن، فالتاريخ يشهد أن الفلسطينيين في أرضهم منذ جد الجد، ولكن أن تأتي الحقيقة على لسانهم هم، فهذا أمر آخر.
القصة تعود إلى ما قبل إنشاء الكيان بعقود، عندما كان الأمر مقتصرا على محاولات تشجيع اليهود على الهجرة، آنذاك كان ماكس نورداو أحد المقربين لأبي دولة إسرائيل، و مؤسس الصهيونية الحديثة في ثيودور هرتزل يحاول جاهدا إقناع بعض الحاخامات الأوروبيين المترددين في الهجرة إلى فلسطين،
قائلا لهم أن أرض فلسطين هي الأرض المنشودة، وخصوصا أنها بلا شعب، وأنهم لن يخالفوا بذلك تعليم توراتهم بعدم اختصاب أرض تعود للشعب آخر، وبالفعل تم إرساله إثنين من هؤلاء الحاخامات إلى فلسطين وعادا ليرفعا تقريرا مناقضا و مخالفا لرغبة هرتزل ومن معه.
التقرير جاء فيه بالحرف الواحد. إن العروس جميلة و مستوفية لكل الشروط، ولكنها متزوجة فعلا من رجل آخر، أي بمعنى آخر الأرض لها أصحابها وشعبها المتجذر فيها.
بل إنهم يعترفون بأن هذه الأرض كانت ومازالت مملوكة من شعبها، وأنهم أخرجوا منها عبر التطهير العرقي والقتل والتشريد كما جاء في كتاب الكاتب اليهودي والضابط السابق في جيش الاحتلال إيلان بابه.
الكتاب الصادر عام 2006 بعنوان التطهير العرقي لفلسطين يسرد بدم بارد المجازر العديدة التي دفعت الفلسطينيين إلى ترك أرضهم أو طردهم منها، بمعنى أدق إذا الصهاينة أنفسهم، يؤكدون أن الفلسطينيين لم يبيعوا أرضهم.
ولكن لننتظر لحظة ونتمعن قليلا، أليس من المستغرب أن تعاود هذه الجملة الظهور مؤخرا، وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي؟ ولماذا هذا التوقيت تحديدا؟ وما سبب اختيار هذا الموضوع الذي دون شك يثير الجدل والفتنة أينما طرح؟ ولماذا التركيز بالذات على المتلقي العربي؟،
هل الغاية هي زرع بذور الفتنة والشقاق تحديدا بين الجيل العربي الناشئ؟ من يقف خلف منشورات وضيعة كهذه؟ ألا يذكركم هذا الأمر بجهة معينة مختصة بزرع الفتنة والشقاق بين المسلمين والعرب خصوصا؟ أعتقد أنكم عرفتم عن من نتحدث هنا، انها الوحدة 8200 الصهيونية من يدري؟ لا تستبعد شيئا مع هؤلاء.
أما الآن أعود إلى السؤال المحوري بعد كل ما ذكرناه، وسردنا ه قول لي أنتم يا أصدقائي، ما رأيكم؟ هل فعلا باع الفلسطينيون أرضهم؟
إلى هنا، أصدقاء سيتوقف عن الكلام. أعلم أنني عودتكم دوما ألا أطرح رأيا شخصيا في المقالات، لكي لا أؤثر على آرائكم أنتم واستنتاجاتكم وقراءتكم للتاريخ،
يكفي أن نلقي نظرة صغيرة على التاريخ ونقرأ ما بين سطوره حتى ندرك أين الدعاية المشبوهة والمغرضة، وأين الحقائق التاريخية التي لا يمكن طمسها. نعم، للأسف، انجر البعض وراء هذه الدعاية، وخصوصا مع الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، وما تضمه من خفايا و غرف مظلمة، الغرض منها طمس الحقائق والترويج للأكاذيب.
بغية حفرها ليس في عقول الأجيال السابقة، فهم يعلمون علم اليقين ما جرى، إنما المستهدف هو الأجيال الجديدة. لحرف الوجهة عن البوصلة الأصلية، ولجعل القضية المحورية فلسطين مصدر قلق وفتنة بين الشعوب المختلفة،
ولكن ما يثلج القلب فعلا هو مقدار الوعي الكبير لدى هذا الجيل المستهدف، على الرغم من بعض الحالات القليلة التي ربما تأثرت بالدعايات المغرضة المحيطة بها. والتي ستعي حتما في نهاية المطاف، ما هي الحقيقة،
إلا أنه كان لزاما علينا أن نبحث وننشر عن هذا الموضوع بالذات لسببين رئيسيين، الأول، رفع المظلومية ولو بشكل بسيط عن هذا الشعب الذي أضحت مظلوميته الممتدة لقرون تدرس في كتب التاريخ، مهما حاول التحريف بكل الوسائل.
والسبب الثاني هو تأكيد وترسيخ القضية الفلسطينية في عقولنا وقلوبنا، نحن قبل الأجيال الجديدة والقادمة، لكي تبقى فلسطين القبلة الأولى والقضية.
أبقوا فلسطين وأهلها في دعائكم، فذلك أضعف الإيمان. استمروا بالنشر فالكلمة في أغلب الأحيان أحد من السيف، أما نحن ف كما عهدت مونا، سنبقى نبحث ونقرأ، ونقف مع كل مظلوم عربي عند الحاجة، لأن نصرة تلحق في معركته هو الفوز الأجمل وعيش الأحرار هو أجمل العيش.
ولأهلنا في السودان لسبب غافلين عما تتعرضون له، ولذلك نصيب من مقالتنا إن شاء الله. كان الله في العون، وفرج عن كل أمتنا العربية والإسلامية.