المفضلة
اضافه موضوع

خطوات التحنيط

 

التحنيط

 

كتبت/ منال عصام

 

التحنيط:

 

تحنيط الموتي من الاسرار الغامضة، والتي اشتهرت في مصر القديمة، ولكن لماذا بُذل مثلا هذا المجهود لحفظ الاجسام التي خرجت منها الروح، (لآلاف) السنين؟، والسبب هو أنهم لم يعتبروا الموت هو النهاية، وانما هو رحلة خطرة تتناثر خلالها شتى العناصر المكوِّنة للشخص الحي، بينما يحتفظ كل منها بتكامله الفردي، فإذا أمكن إعادة اتحادها ووضعها في الجسم ثانيةً، فبإمكانه أن يحيا حياة جديدة مشابهة جداً للحياة التي قضاها علي الارض، ومع ذلك فتحقيق هذه النتيجة يجب حفظ الجسم الذي هو أضعف كل هذه العناصر، فإذا تُرك الجسم ليتعفن، ضاع كل أمل في إتحاد القوى الحيوية وهيكلها الجسدي، في العالم الآخر فيُحكم على الروح بأن تظل تبحث عبثاً إلى الأبد، عن جسم لم يعد له وجود.

 

خطوات التحنيط:

 

وقد جمع “هيرودوت” معلومات طبية عن هذا الموضوع، يصف طريقه التحنيط هكذا: أولاً يُنزع المخ عن طريق الأنف، بخطاف معدني، ورغم هذا فلا يُنزع بهذه الطريقة سوى جزء من المخ، أما الجزء الباقي فيُذاب بعقاقير معينة، بعد ذلك يشق الجانب بواسطة حجر قاطع أثيوبي، وتُنزع الأحشاء من الجسم (استئصال الأحشاء)، ثم يوضع زيت النخيل وبعض المساحيق العطرية في البطن الفارغ، وبعد ذلك تُملأ المعدة بالمر النقي المطحون وبهارات أخرى، لكن لا يوضع بها أي بخور (لبان) أو تخاط. 

 

الغرض من عمليات التحنيط:

 

والغرض من كل هذه العمليات هو أن يُنزع من الجسم كل شيء يمكن أن يؤدي إلى سرعة تعفنه ومنها الأحشاء التي حفظت في الجرار الكانوبية، الأنسجة الدهنية، وشتى الأعضاء الأخرى، لا يبقي من الجسم في هذه المرحلة من العمل سوي جزء قليل علاوةً على الجلد والعظام والغضاريف، بعد ذلك كان من الضروري نزع الماء من هذه العناصر الأخيرة فاستعملوا لهذا الغرض ملح النطرون، فتشبع الجثه بالملح وتنقع في النطرون لمدة (سبعين يوماً). 

 

المعالجة بالنطرون:

 

أثبت الكيمائيون أن أسلوب المعالجة بالنطرون الجاف كان يزيل جميع الرطوبة الباقية في المومياء بعد (سبعين يوماً)، ويغسل الجسم الذي كان المصريون يستعملونه بديل الغراء (التجفيف فالغسيل فاللف)، والحقيقة أن (سبعين يوماً) كانت تشمل جميع مراحل التحنيط، وكانت المدة بين يوم الوفاة ويوم الدفن، ولكن لماذا حددت هذه المدة ب(سبعين يوما)؟ ربما كان ذلك لأسباب دينية مبنية على الأرصاد الجوية.

 

فإن نجم الشعرى اليمانية تبعاً لجداول معرفة الوقت ليلاً بمواقع النجوم، وكان يختفي من السماء بعد أن يضئ في ليل مصر، فيحتجب تحت الأفق مدة (سبعين يوما)، فكانت فترة (السبعين يوماً) هذه تفصل بين موتهم وبعثهم، وربما حاكى المصريون دورة الزمن هذه ليستخدموها مع موتاهم فيضمنوا بعثهم.

 

لف الجثة:

 

وقد تكون الأربطة الملفوفة حول الجثة بالغة الطول، وقد لُفت الموميات المعدة أفضل إعداد، في عدة (مئات من الأمتار) من القماش الدقيق النسج في عناية بالغة، ولُفت الأصابع والأيدي والأرجل أولاً بأربطة رفيعة جداً، ثم لُف الجسم نفسه، وأخيراً لُفت المومياء في شبكة من الأربطة الأكبر حجماً، فتكونت منها اللفة الخارجية، وقد غُمِّست الأربطة عند لفها في محلول يجعلها تلتصق بعضها ببعض ويعطي الجثة رائحة المراهم، ووضعت التمائم بين اللفات، مصنوعة من الأحجار أنصاف الكريمة لتأكيد المحافظة على الميت وحمايته في مواضع معينة، وتشمل هذه التمائم عيوناً حجرية على الجفون، وعين وجات على شق البطن وأعمدة الجد، وأغطية من الذهب للأصابع، ولوحات صدرية، وأحزمة “ايزيس” وغير ذلك.

 

درجات التحنيط:

 

كان مثل هذا النوع من التحنيط يستغرق وقتاً طويلاً وباهظ النفقات، ولذا كانت هناك عدة درجات من التحنيط: إذا ما جئ بالجثة إلى المحنطين قدَّموا إلى أهل الميت نماذج خشبية مطلية، عبارة عن محاكاة دقيقة للمومياوات، ويشرحون لهم النوع (الأول) من التحنيط وهو اغلاها، ويعرف بتحنيط “اوزيريس”، ثم يقدمون لهم النوع التالي له، وهو أقل تألقاً من السابق وأقل نفقة، ثم النموذج (الثالث) أرخص الجميع، فيعرف المحنطون رغبة أقارب الميت الذين يتصرفون بعد الاتفاق علي أجر التحنيط، وقد كون المحنطون من أنفسهم هئية اخصائيين بأسماء شتى: فأولاً محنطو “أوت” وكثيراً ما ذكروا أكثر من غيرهم، وحجاب المعبودات، ومحنطو “انوبيس”، ورؤساء أسرار فن التحنيط والكهنة المرتلون، الذين كانوا يتلون النصوص الملائمة لشتى المراحل في الطقوس التحنيطية، وكان عمل التحنيط أكثر من عملية فنية بسيطة فهي تحاكي في جميع تفاصيلها طريقة بعث “اوزيريس”، وهكذا كانت مرحلة من مراحل ذلك العمل الطويل مليئة بالتشبيهات الرمزية، وتتضمن تلاوة الصيغ الدينية.

 

فائدة أو قيمة هذه العادات القديمة:

 

ليس لدي المصريين أي شك فيما يختص بالجواب: “ستعيش ثانيةً وإلى الأبد! إعلم أنك ستعيش ثانيةً إلى الأبد!”، تُنهي هذه الألفاظ إحدى طقوس التحنيط، وبسبب جفاف الصحراء التام، كثيراً ما نجد مومياوات جيدة الحفظ، وكان الغرض من كل هذه العملية هو أن يتركوا على العظام شيئاً أكثر من الجلد، ولا تمت المومياء إلى لونها الطبيعي بصلة ما، إذ يسود لونها من تأثير زيوت التحنيط.

 

 

المرجع/ 

موسوعة الحضارة المصرية القديمة.

 

_____________________________________

((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))

 

#مبادرة_حكاوى

#الموسم_الرابع

#ديوان_التاريخ_مستقبلك_في_الاثار_والتاريخ

تعليقات

لم يتم إضافة تعليقات لهذا المقال.

مقالات قد تهمك

مقالات موقع المنصة المعرفية

  • اخر المقالات في التاريخ
  • اخر المقالات
  • الاكثر شيوعا ف التاريخ
  • الاكثر شيوعا