المفضلة
اضافه موضوع

موضوعنا اليوم عن نزول وانقطاع الوحي عن سيدنا محمد فقد كانت الشياطين قبل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لها قدرات خارقة بإذن الله تعالى. قدرات تتمثل في الارتفاع في السماء، واستراق السمع من الملائكة لتتعامل مع الكهنة، والسحرة والعرافين.

فقد كانت هذه الشياطين تخبر أتباعها من الكهنة والسحرة والعرافين بما يسمعونه من أسرار سماوية، ليكفر الناس بدينهم وبربهم جل وعلى فقد كانت هذه المرحلة أعظم مرحلة لهم، وذلك وسط انتشار للشرك وعبادة الأصنام من دون الله عز وجل.

إلا أن هذا الأمر توقف فجأة وكأن الأرض والسماء يتم تمهيدها لأمر جلل وهو ما حكاه الله عز وجل في سورة الجن على لسان الشياطين أنفسهم قال تعالى: { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9) } [الجن]

أي أن الشياطين شعرت بشيء قد تغير، فجاءوا إلى الشيطان وأخبروه، فأخبرهم أن ذلك بسبب تغير حصل في أهل الأرض، إما أن يكون العذاب سيحل على أهل الأرض، وإما أن يكون الله تعالى قد بعث نبيا من أهل الأرض.

نزول الوحي علي سيدنا محمد

روي ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس مع أصحابه، فرمي بنجم، فقال لأصحابه ما تقولون في هذا؟ قالوا كنا نقول عنه في الجاهلية موت عظيم، أو ميلاد عظيم.)

أي أن شهاب حينما تسلط على جني، فذاك معناه عندهم أن عظيما قد ولد، أو عظيما قد مات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنه لا يرمى بها لموت أحد، ولا لميلاده، إنما ذلك الجن إذا استرق السمع.)

مع تغير الذي حدث في السماء والأرض، بدأت تحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمور غريبة، وبدأت تظهر له المبشرات، يسمعها أو يراها، يقظة أو مناما، مثل سماعه نداء يأمره بستر عورته، حين كان يحمل الحجارة من أجياد لبناء الكعبة.

ومثل تسليم الحجر والشجر عليه، فقد كان الحجر والشجر يسلم عليه صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يصلي عليه الله عز وجل من فوق سبع سماوات، ويصلي عليها عباد الله إلى يوم يبعثون.

وقد كان أول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤية الصادقة في النوم، فكان صلى الله عليه وسلم لا يرى رؤية إلا جاءت مثل فلاق الصبح.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كلما رأى رؤيا قصها على زوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، التي لم تكن مجرد زوجة للرسول، بل حامية وداعمة لدين الله، و رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي تنبأت بنبوته قبل أن يوحى إليه .

نزول وانقطاع الوحي عن سيدنا محمد

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثه، يواصل مسيرته بالاختلاء بنفسه، و يتعبد في غار حراء، بعيدا عن الناس، فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب الخلوة والابتعاد عن الشرك وأهله، وكان يقضي شهرا. كاملا كل عام، في هذا الغار غار حراء.

وكانت خديجة رضي الله عنها مشغولة بالأسرة، وتوفير ما يلزمها، في الوقت الذي كانت تشتغل فيه بتجارتها التي تنفق منها على الأسرة،

كما كانت صلوات الله عليها، توفر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام والشراب عندما يعود إليها سيد الخلق من غار حراء ليتزود بالمؤن التي تعينه على البقاء فترات طويلة في غار حراء،

فقد كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط، فقد كان موقف خديجة صلوات الله عليها موقف المعين الداعم كل هذا، ولم يكن الله عز وجل قد بعث رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الوحي عليه.

فلم يكن هناك قرآن يقرأه، ولا ذكر يردده، ولكن كان يتفكر في خلق السماوات والأرض، وبقي ما كان يحدث في غار حراء سرا بين الله ورسوله الكريم،

يروي أنس بن مالك رضي الله عنه حادثة تدل على حكمة خديجة، وحسن تصرفها، وكمال عقلها، يقول أنس رضي الله عنه أن رسول الله كان عند عمه أبي طالب، فاستأذنه صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى خديجة، فأذن له وبعث أبو طالب بعده جارية يقال لها نبعة ففال لها انظري ما تقول له خديجة،

فقالت نبعه أنها رأت العجب، فقد خرجت خديجة إلى الباب فور سماعها صوت رسول الله وأخذت يده، ثم قالت بأبي وأمي، والله ما أفعل هذا لشيء ولكني أرجو أن تكون أنت النبي الذي ستبعث، فإن تكن هو فاعرف حق يوم نزلتي، وادعو الإله الذي يبعثك لي،

فقال لها صلى الله عليه وسلم والله لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدا، وإن يكن غيري فإن الإله الذي تصنعين هذا لأجله، لا يضيعك أبدا.

ظل رسول الله على هذا الحال في التعبد بغار حراء على دين الخليل إبراهيم عليه السلام، حتى جاءه الحق وهو في الغار، وهو في سن ال40،

جاءه ملك، وضمه ضمة شديدة، كادت أن تفتك بضلوعه الشريفة صلى الله عليه وسلم، فقال له اقرأ، فرد رسول الله ما أنا بقارئ أذن الله عز وجل بهذه الكلمات أن يتغير مجري التاريخ هنا، أذن الله أن يرحم خلقه هنا بدأ الوحي، وبدأت الرحمات تتنزل.

قال صلى الله عليه وسلم فأخذني فضمني، وعصرني مرة ثانيه، حتى بلغ منه الجهد صلى الله عليه وسلم، ثم تركه الملك وضمه المرة الثالثة، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم {ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (2) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (3) ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (4) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ (5)}

نزول الوحي علي سيدنا محمد

فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته يرتجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال زملوني، زملوني، أي غطوني أو لفوني في ثياب فزم لوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة ما حدث وأخبارها الخبر، وقال لها لقد خشيت على نفسي.

فقالت خديجة المصدقة له، والداعمة له صلى الله عليهما وسلم كلا، والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن عمي خديجة، وكان امرئ قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد أصابه العمى،

فقالت له خديجة يبن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة يا بن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ما رأى، فقال له ورقة أبشر يا محمد، هذا الناموس، أي الملك الذي أنزله الله على موسى عليه السلام.

وقال ورقة له يا ليتني جدعا في دعوتك ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله أومخرجي هم؟ قال نعم. لم يأتي رجل قط بما جئت به إلا عودي به وإن يدركني يومك، أنصرك نصرا مؤزرا.

وفي أحد الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادته في غار حراء، يتعبد إلى ربه عز وجل، وبينما هو في طريقه إلى بيته صلى الله عليه وسلم، وخلال سيره وحيدا، إذ سمع مناد ينادي أن يا محمد، يقول رسول الله فالتفت عن يمين فلم أجد أحدا، ثم التفت عن يساري فلم أجد أحدا، ونظر رسول الله أمامه وخلفه، فلم يجد أيضا أحدا،

فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء، فإذا به يرى أمين الوحي جبريل عليه السلام بصورته على رؤوس الجبال.

واذا بهذا الملك صاحب ال600 جناح، كل جناح يغطي الأفق، يتبدى له ويقول أنت نبي الله، ثم يختفي، وهذه الرؤية هي التي قال الله سبحانه وتعالى فيها ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾

نزول الوحي علي سيدنا محمد

قال الحافظ إبن كثير رحمه الله تعالى يعني ولا قد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له 600 جناح بالأفق المبين، أي البين، وهي الرؤية الأولى. التي كانت بالبطحاء موضع بمكة،

وهي المذكورة في قوله {علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى} فأصابه الرعب من جديد، فأسرع صلى الله عليه وسلم عائدا إلى بيته، ودخل على زوجته خديجة وهو يقول دثروني. دثروني أي غطوني بما أدفأ به، وصبوا عليا ماء.

ففعلت أم المؤمنين رضي الله عنها ما طلب. في هذا الوضع، وضع المستلقي المغطى بثوب نزلت عليه الآيات الأولى من سورة المدثر، قال تعالى { {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) } } [ المدثر]

أي لا تستكثر ما تعرضت له، ولا تمنن ذلك،

انقطاع الوحي عن سيدنا محمد

تتابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاءت فترة، وانقطع الوحي أيام قيل أنها 40 يوما، وقد عاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد المعاناة جراء انقطاع الوحي،

فقد خطب بعض الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستعملين عبارات جارحة، مثل قولهم ما أرى ربك إلا قد قلاك. أي تركك وتخلى عنك، كما أنهم لم يخفوا السخرية منه، والاستهزاء به صلى الله عليه وسلم، حتى أن امرأة جاءت تستهزأ به عليه الصلاة والسلام، وتقول له اين شيطانك الذي ينزل عليك.

انتظر الرسول عليه الصلاة والسلام أياما، ولم يتنزل عليه جبريل عليه السلام. فإذا بالرسول يصاب بالهم والغم والحزن، ويحزن حزنا شديدا، ليس بسبب تشفي خصومه وسخريتهم فحسب، بل أيضا بسبب غيبة جبريل عليه السلام، وانقطاع الوحي.

إلا أن الله عز وجل طمئن رسوله في هذه الفترة بآيات قرآنية تتلى إلى يوم يبعثون. قال تعالى في سورة الضحى. ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى (٨) ﴾ .

فقد أخبر الله عبده ورسوله محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم أنه عز وجل لم يتركه صلى الله عليه وسلم منذ أن اعتني به، ولم يترك كما زعم المشركون وهو ربه وراعيه وكافله وأن الدار الآخرة خير له من هذه الدنيا،

ولسوف يعطيه ربه عز وجل من الكمالات، وظهور الأمر، وبقاء الذكر ما يجعله صلى الله عليه وسلم يرضى.

وفي هذا الجزء من قصة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير والكثير من المواعظ، أهمها ضرورة الاعتناء باختيار الزوجة الصالحة، فهي السند في الحياة،

كما يعلمنا رسول الله في هذه الجزئية، ألا نخجل من إظهار ضعفنا أمام زوجاتنا وأن نستشيرهم في كل أمور حياتنا، مادام اختيارنا لهم كان صحيحا وما دمن أثبتنا صلاحهن،

فها هي خديجة بنت خويلد، كانت أول من لجأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليروي لها كل ما حدث معه بدون خجل، وهو رسول الله. سيد الخلق، وحبيب الحق دمتم في رعاية الله وأمنه .

تعليقات

لم يتم إضافة تعليقات لهذا المقال.

مقالات قد تهمك

مقالات موقع المنصة المعرفية

  • اخر المقالات في قصص دينية
  • اخر المقالات
  • الاكثر شيوعا ف قصص دينية
  • الاكثر شيوعا