المفضلة
اضافه موضوع

الزعيم القائد المجاهد

كتبت/ اسمهان فرحات.

المقدمة:

يحتل الأمير “عبد القادر” مكانة مميزة في سجل عظماء التاريخ، جمع بين البندقية والقلم والعلم والتعليم، فهو شعلة مضيئة في ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية، ويظل حافزاً متجدداً في النفوس الأبية الرافضة للاستعباد والهيمنة الأجنبية، فتعتبر سيرته كرجل سلطة وصاحب أول مشروع لإقامة دولة وطنية في الجزائر الذي مايزال في المخيلة الوطنية والقومية نحِنّ إليه ونسعى إلى استعادته في واقعنا المضطرب والملتبس فهو يستفزه كأفق أعلى، رغم مرور (قرن ونصف قرن) على وجود هذا الرجل العظيم بيننا.

حياة الأمير عبد القادر :

نسبه:

هو “عبد القادر بن محي الدين بن المصطفى بن محمد بن المختار”، يصل نسبه إلى “الحسن المثنى ابن الإمام الحسن”.

مولده:

ولد يوم الجمعه (23 رجب 1222ه‍)، في بلدة القيطنة في معسكر بالمغرب الأوسط، حفظ القرآن الكريم صغيراً على يد والده بالزاوية التي كان يشرف عليها.

أسرته :

تزوج الأمير “عبد القادر” من “لالة خيرة” وقد ترك (10) أبناء دون البنات منهم الأمير “محمد ومحي الدين وعلي وأحمد وعبد الرزاق، والهاشمي وعبد المالك” الذي إنضم إلى الفرنسيين وحاربهم.

رحلاته وأعماله :

لما كان في عمر (14) سنة رحل إلى مدينتي وهران حيث أكمل دراسته وأخذ أصول العلوم كالتاريخ والفلسفة والرياضيات والأدب العربي وعلم الطب، حيث تلقى ذلك عن عدد من علماء المنطقة فبرع في الأدب والتوحيد والفقه والحكمة العقلية، وفي (التاسعة عشر) من عمره أدى فريضة الحج مع والده، ثم توجه إلى دمشق حيث أخذ الطريقة “النقشبندية”، ومنها رحل إلى بغداد التي أخذ فيها الطريقة “القادرية”، ثم رجع إلى مكة وأدى فريضة الحج مرة أخرى، وبعدها رجع إلى أرض الوطن بعد (عامين) من رحلة علمية ودينية، ولما أصبح في عمر (24) سنة بدأ الفرنسيون باحتلال الجزائر ثم بايعه والده “محي الدين” وتولى قيادة المنطقة ببسالة ورباطة جأش لمدة (سنتين) وفي سنه (1248ه‍) الموافق (1832م) حيث كان عمر الأمير “عبد القادر” (26) سنة، بايع الناس الأمير “عبد القادر” ولقبه والده بأمير المؤمنين ناصر الدين.

مبايعة الأمير عبد القادر للإمارة ثم الدولة :

لم يسعى الأمير “عبد القادر” إلى الإمارة بل هي التي صعدت إليه وفرضت نفسها عليه عندما كانت الجزائر تبحث عن شخص يقودها، وهي تواجه خطر محو شخصيتها وكيانها في هذه اللحظات الحاسمة يفتش الوطن عن الشخص الذي يستطيع أن يستوعب كيانها ويجسدها بأفعاله وأقواله، وكان الإختيار موفقاً جداً، وحتى يعطي الأمير الشرعية لاختيار وجهاء الوطن فقد أصر على البيعة الشرعية التقليدية فكانت أول درس يعطيه الأمير لكل المتطلعين إلى السلطة في وطننا العربي، فالسلطة هي إختيار شعبي بإرادة حرة وبإجماع وطني وليست كنزاً يستأثر به أصحاب الشوكة، فكانت سلطة بكل ما تتضمنه من ثروة وجاه لم تغير من طبيعته، فقد كان إنساناً عادياً في أسلوب معيشته وظل بين شعبه في شفافية، فتجاوز بذلك كل قرون الظلام حتى قيل أن زمانه كان كزمن الخلفاء الراشدين، فأقام “عبد القادر” الإمارة على الفضل والعدل والنظام، وباشر الأعمال وركب الأخطار وضرب النقود من الفضة والنحاس، وأنشأ معامل الأسلحة واللباس، وجعل مدينة معسكر إمارته ووضع لها دستوراً يتضمن قوانين، فعبأ الجيوش وعيّن رجال الدولة ووزراء ورتب مجلس الشورى فشكله من (11) عضو ورئيسهم أسماه قاضي القضاة، ونظم الأمير جيشه وفق الجيوش الحديثة فقسمه إلى مشاة وفرسان ومدفعية، واختص بنظام في اللباس والمأكل والرواتب والتعليم والترقية، وأعد معامل السلاح ومخازن الذخيرة والمؤن ورمم القلاع، وفي رمضان (1255ه‍ الموافق 1839م) نادى الأمير بالجهاد وتوالت فيها الأحداث بين نقض للمعاهدات وسقوطه من جهة أخرى، ثم رجوعه واستعادة مركزه ثم استسلامه وسجنه، إلى خروجه وانتقاله إلى دمشق حيث قضى فيها بقية حياته التي دخلها باحتفال شعبي كبير ورسمي كأحد كبار الفاتحين الأقدمين، وعاش فيها مكرماً مبجلاً كمهاجر وليس كمنفي داعياً للعلم واللغة العربية محارباً للبدع كما فتح داره للجزائريين والعلماء، وواصل حياته بين العبادة وطلب العلم والتأليف.

مؤلفاته :

كان له عدداً من المؤلفات المهمة نذكر منها المقرض الحاد، السيرة الذاتية، ذكرى العاقل، المواقف.

وفاته:

توفي الأمير “عبد القادر” في دمشق سنه (1883م الموافق 1300ه‍) عن عمر (72) سنة ودفن بدمشق، وفي عام (1965م) نُقل جثمانه إلى المقبرة العليا بالجزائر العاصمة فنسأل الله أن يكون قبره روضة من رياض الجنة ويجزيه عنا خير الجزاء وأفضله.

الخاتمة:

خلال (15) عاماً تولى فيها الأمير السلطة لم يكن ينفرد بالقرارات المصيرية بل كان يستشير العلماء ورؤوس القبائل ويؤخذ فتوى رجال الدين ليؤكد للعالم أن الحاكم ليس صاحب القرار الوحيد إنما القرار هو مسؤولية الشعب من خلال ممثليه المعترف بهم.

المراجع/

1- الأمير عبد القادر الجزائري العالم المجاهد جمع وتحقيق نزار أباظه.
2- عصر الأمير عبد القادر الجزائري للدكتور ناصر الدين سعيدوني.
3- آل الأمير عبد القادر والجزائر مذكرة تخرج تحت إشراف الأستاذ محمد دراوي.

——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))

#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ

تعليقات

لم يتم إضافة تعليقات لهذا المقال.

مقالات قد تهمك

مقالات موقع المنصة المعرفية

  • اخر المقالات في التاريخ
  • اخر المقالات
  • الاكثر شيوعا ف التاريخ
  • الاكثر شيوعا