تفسير انما يخشى الله من عباده العلماء
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبده ورسوله ما بعد حديثنا عن تفسير انما يخشى الله من عباده العلماء .
ووردت آية انما يخشى الله من عباده العلماء في سورة فاطر في الآية 28 في قول الله عز وجل {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)}
آية انما يخشى الله من عباده العلماء آية عظيمة تقشعر لها الأبدان وينبغي تأمل هذه الآية وتدبرها وفهم معناها
أولا يقال إنما كافة ومكفوفة تفيد الحصر كافة يعني كفت إن عن عملها لأن إن تدخل على الجملة الجملة الاسمية الأول يسمى اسمها والثاني يسمى خبرها فلما دخلت ما عليها كفت إن عن العمل وكذلك بالتصاقها بان كفت كذلك على العمل كافة مكفوفة ما عاد لها عمل إلا إفادة الحصر
أما من حيث بنية الكلمة ما تعمل بها لكن تفيد معنى البلاغية ما هو المعنى البلاغي؟ إنما تفيد الحصر يعني حصر الله عز وجل الخشية بالعلماء انما يخشى الله من عباده العلماء
وليس في المتواتر الا هذا اللفظ إنما يخشى الله يخشى فعلهم مضارع والله لفظ الجلالة مفعول به به مقدم عن الفاعل إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ من الذي يخاف ويخشى؟ العلماء
ومن الذي يخاف منه؟ الله سبحانه وتعالى
انما يخشى الله من عباده العلماء يعني لا احد يخشي من رب العالمين إلا العلماء
والخشية هو خوف مبني على علم بالمخوف ولا يكون الخوف خشية إلا إذا كان عن علم أما إذا كان عن جبن فهذا ليس خشية فالخشية مبنية على علم بالمخوف والرهبة خوفا كذلك مقرون بعمل
قال الله عز وجل أنهم {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} فالرهبة خوف مقرون بعمل والخشية خوف مبني على علم
طيب السؤال الآن ما فائدة الحصر إذا كانت الخشية محصورة في العلماء فقط وما هذا الخوف هل هو الخوف الكامل ولا هو مطلق الخوف يعني خوف الحد الأدنى من الخوف؟
فأولا نقول ما هي مكانة الخوف والخشية من التوحيد؟ الخوف والخشية ركن من أركان التوحيد ولا يصح توحيد العبد إلا أن يحقق هذا الجزء الحد الأدنى من الخوف والخشية إذا ما عنده هذا الحد الأدنى يكون كافر ليس بمسلم
فإذا كل مسلم يشهدوا أن لا إله إلا الله اللازم يكون عنده هذا الركن عنده محقق الحد الأدنى من الركن الخوف وهو الخوف من الله سبحانه وتعالى خوف الذعر وتعظيم المفضي إلى تعظيم الله تبارك وتعالى وفعل أوامره واجتناب زواجره
هذا الخوف موجود ملازم لمعنى لا إله إلا الله كل واحد يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله من اللازم ان يكون عنده علم بهذه الكلمة والعلم يثمر الخوف من الله أن تكون عالما بالله عز وجل وهذا العلم يثمر الخوف من الله عز وجل
أن تكون خائفا وجلا أن تكون خاشيا من الله تبارك وتعالى فإذن الحد الأدنى هذا متحقق في كل مسلم وهذا نحن نقول دائما إنه لازم العبد المسلم يتعلم أبواب التوحيد حتى يعرف كيف يعبد ربه سبحانه وتعالى
فإذن الحد الأدنى من الخشية كما أن الحد الأدنى من الخوف كما أن الحد الأدنى من التوكل كما أن الحد الأدنى من الرهبة والرغبة والإنابة والإذعان هذه الحدود الدنيا منها شرط صحة الايمان
كل هذه الأبواب هي أبواب لا إله إلا الله هي الحدود الأدنى منها شرط صحة الايمان والكمال فيها كمال في الإيمان والتوحيد
نرجع إلى الآية انما يخشى الله من عباده العلماء حصر يعني لا احد يخاف من رب العالمين إلا العلماء إذا أردنا ربنا الخوف التي هي أصل الإيمان فهذه عامة تشمل كل من شاهد لا إله إلا الله محمد رسول الله إذا قلنا أنه المقصود به مطلق الخوف يعني الحد الأدنى من الخشية يراد من ذلك جميع عموم الأمة
وأن كل من شاهد أن لا إله إلا الله وأن محمد محمد رسول الله داخل في هذا الحصر وأن غيرهم من الكفار لا يخافون الله ولو أنهم خشوا ربهم سبحانه وتعالى لشهدوا له بالوحدانية
فإذا الحصر إذا كان متوجها لمطلق الخشية يدخلوا في ذلك عموم الأمة لأن كل من شهد أن لا إله إلا الله عنده مطلق العلم مطلق العلم بلا إله إلا الله موجودة عند المسلمين جميعا فلا معبود بحق إلى الله
فبناء على هذا إذا كان الحصر وتوجيهها إلى مطلق الخشية فيكون جميعه الأمة داخلين في هذا
وإذا كان المراد من الخشية الكمال لا ينسحب هذا الحصر إلا إلى العلماء الربانيين الذين كمل إيمانهم وتوحيدهم بمعرفة الله جل وعلا
انما يخشى الله من عباده العلماء فالخشية الكاملة تكون من العلم الكامل والخشية الناقصة تكون من العلم الناقص هذا باختصار معنى آية إنما يخشى الله من عباده العلماء
فإذا أردت كمال العلم وكمال الخشية ينسحب إلى علماء الأمة الذين شابت لحاهم في دراسة كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفوا الله عز وجل كما ينبغي
وكانوا هؤلاء ورثت الرسل الذين هم العلماء فالعلماء هم مصابيح الدجي مصابيح الظلام عندما يكون هناك ظلام دامس تستضيء بنور العلماء فإنهم ينيرون لك الدرب بما عندهم من العلم في الكتاب والسنة
فلذلك ايها الإخوة يجب على المسلم أن يلزم غرز العلماء حتى يموت وإلا سيطفأ هذا النور أو إذا كان أنا بعد هذا الرجل عن هذا النور سوف تصيبه يصيبوا الظلام الدامس فلابد أن يلزم غر. العلماء
فالعلماء ورثة الأنبياء وهم أتباع الرسل وهم خلفاء الرسل عنهم يؤخذ الدين وهم العدول وهم الذين ينتهي إليهم الأمر بعد الأنبياء والمرسلين وهم الذين أمر الله عز وجل بطاعتهم في قوله سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ}
قال أهل التفسير أولوا الأمر هم العلماء والأمراء العالم الرباني الذي ينشر الكتاب والسنة ويجعل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى شغله الشاغل ويسهر ويدأب من أجل أن يتفقه في دين الله تبارك وتعالى هو الحارس الأمين العلماء حراس لهذا الدين
يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين يحمل هذا العلم خبر من الله سبحانه وتعالى كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين أهل الغلو الذين يحرفون كلام الله وكلام رسوله صلى الله صلي الله عليه وسلم بغلوهم
وامتحان مبطلين يكشفون زيغ المنافقين والمبطل وتأويل الجاهلين وما أكثر الجاهلين اليوم ما أكثرهم حيث يتجرؤون على دين الله تبارك وتعالى فيعرفون بما لا يعرفون فلذلك أيها الأخوة يجب على المسلم أن يتخذ القدوة الصالحة من العلماء الربانيين ولا تأخذ دينك إلا على إلا ممن عرفت إياك أن تأخذ دينك من كل من هب ودب
فلذلك قال بن عباس كنا إذا حدثنا الرجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “ابْتَدَرَتْهُ أبْصارُنا، وأَصْغَيْنا إلَيْهِ بآذانِنا، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ، والذَّلُولَ، لَمْ نَأْخُذْ مِنَ النَّاسِ إلَّا ما نَعْرِفُ.”
عندما كانوا يسمعون قال الله قال رسول الله كانوا يصغون بأذانهم فلما ركب الناس صعبة والفلول وتكلم ما جاء بما شاء قلنا سموا لنا رجالكم
وبذلك يعرف العبد يعني ما صح وما لم يصح فلذلك أيها الاخوة إياكم أن تأخذوا دينكم إلا ممن عرفته وممن تيقنتم أنهم على الجادة أما كل فسل أهل العلم لمن اٌقرأ ولمن أسمع وممن آخذ ديني تستطيع بذلك أن تعرف تميز بين الحق والباطل
فلذلك أسأل الله أن يحفظوا المسلمين في دينهم وعقيدتهم وأسأل الله أن يحفظ المسلمين في علمائهم والله أعلم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ولمعرفة من هم العلماء في قول الله انما يخشى الله من عباده العلماء يمكنك الاطلاع علي تلك المقالة.