في تلك المقالة سوف نعرف فتوي هل الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك من خلال معرفة حكم الذبح عند الأضرحة وحكم الذبح لغير الله فتابعوا المقالة.
هل الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك
هل الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك ؟ وما هو حكم الذبح لغير الله ؟
الذبح لغير الله تعالى على سبيل التقرب والتعظيم هذه صورة من صور الشرك الموجودة لكن لماذا ؟ لأن الذبح على سبيل التقرب والتعظيم عبادة وطالما أنه عبادة فالعبادة لا تصرف إلا لله جل وعلا.
دل على ذلك كلام الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فان الله جلة وعلا يقول في سورة الأنعام {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}
والنسك في هذه الآية بمعنى الذبح كما ذكر بن جرير رحمه الله تعالى عن غير واحد من السلف كمجاهد وبن جبير وقتادة والضحاك وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي كلهم فسروا النسك في هذه الآية بأنه الذبح
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} أي وذبحي على سبيل التقرب والتعظيم {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}
والله سبحانه وتعالي يقول في سورة الكوثر {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي اذبح لربك عز وجل على سبيل التقرب والتعظيم وقد ذكر بن جرير رحمه الله تعالى أقوال المفسرين في قول الله جلة وعلا {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}
وذكر منها ما قاله محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى قال إنن أناس كانوا يصلون لغير الله ويذبحون لغير الله فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجعل صلاته لله وأن يجعل نحره لله عز وجل
وصوب هذا التفسير جرير رحمه الله تعالى والحافظ بن كثير رحمة الله على الجميع
وفي صحيح مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات (لعَن اللهُ مَنْ ذبَح لغيرِ اللهِ ولعَن اللهُ مَنْ آوى مُحدِثًا ولعَن اللهُ مَنْ لعَن والديهِ ولعَن اللهُ مَنْ غَيَّر تُخومَ الأرضِ يَعني المَنارَ) رواه مسلم في صحيحه
واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله جلة وعلا لعَن اللهُ مَنْ ذبَح لغيرِ اللهِ دل هذا على أن الفعل محرم.
وفي تفسير لعَن اللهُ مَنْ ذبَح لغيرِ اللهِ قال أهل العلم من ذبح بعيرا أو شاة أو بقرة أو دجاجة لغير الله من نبي أو ملك أو جني أو صاحب ضريح لعَن اللهُ مَنْ ذبَح لغيرِ اللهِ أي على سبيل التقارب والتعظيم.
لأن الذبح لإكرام الضيف لا اشكال فيه وهو مباح بالطبع وكذلك الذبح للأهل هذا لا إشكال فيه وما الي ذلك الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك هو الذبح الذي يقصد به التقرب والتعظيم وتقديم القرابين.
فدل كلام الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلي الله علي أن الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك اذا كان علي سبيل التقرب والتعظيم لانه في تلك الحالة تكون عبادة والعبادة لا تصرف الا لله عز وجل {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ }.
فعلي سبيل المثال الذي يذبح لصاحب الضريح أو غير ذلك إنما حمله على ذلك اعتقاده أن صاحب الضريح له نوع تصرف وكأنه ينفع يضر ونعرف جميعا أن المقبور لا ينفع ولا يضر ولا يخلق ولا يملك ولا يسمع وإن سمع لا يستجيب
فكيف يدعى من دون الله وكيف يذبح له من دون الله عز وجل فان انسان نجح له ولد أو شفي له مريض أو ربحت له تجارة يظنون أن المقبور له علاقة بذلك فيتقرب إليه بالذبح فهذا شرك بالله عز وجل
وإن قال أن أذبح باسم الله كما قال أهل العلم لأنه وإن استعان بالله عز وجل وذكر اسم الله عز وجل الا أنه صرف العبادة لغير الله تبارك وتعالى.
ولذلك الناس في الذبح على أقسام كما قال هذه أهل العلم
- منهم من يذبح بسم الله لله عز وجل فهذا هو التوحيد استعان بالله عز وجل وصرف العمل لله تبارك وتعالي
- ومنهم من يذبح باسم الله لغير الله فهذا وإن استعان بالله إلا أنه صرف العمل لغير الله
- ومنهم من يذبح باسم غير الله لله هذا شرك في الاستعانة
- ومنهم من يذبح باسم غير لغير الله لغير الله فهذا شرك في الاستعانة وشرك في صرف العمل والعبادة
فهذا وإن قال أنا اذبح باسم كما قال أهل العلم هذا أيضا لا يحل لأنك صرفت العمل لغير الله تبارك وتعالى.
حكم الذبح عند الأضرحة
ما هو حكم الذبح عند الأضرحة؟
فإن قال انا اذبح باسم الله ولله عز وجل لكنني أذبح عند الأضرحة قال أهل العلم أيضا هذا لا يجوز ولا يحل والدليل على ذلك من كلام الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
هذه الأدلة دلت على أن المكان الذي يعصي الله تبارك وتعالى فيه يدعي فيه غير الله ويذبح فيه لغير الله ويستغاث فيه بغير الله عز وجل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله
هذا المكان لا ينبغي للموحد أن يتقرب لله تبارك وتعالى فيه بطاعة حتى لا تحصل المشابهة في الظاهر
ولذلك نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس مع أن الصلاة لله عز وجل
لكن لما جال الكفار يسجدون للشمس في ذلك الوقت نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن النافلة في ذلك الوقت حتى لا تحصل الموافقة والمشابهة في الظاهر
فكذلك الذي يذبح ويقول أذبح باسم ولله لكنه يذبح عند الأضرحة لا يحل لك ذلك
فان الله جل وعلى نهي نبيه صلى صلى الله عليه وسلم أن يقوم في المسجد الضرار مع أن قيامه لله عز وجل
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)
لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)}
لا تقم فيه أبدا مع أن القيام لله واستدل أهل العلم بالآية وقالوا وكذلك الأماكن التي يذبح فيها لغير ويدعي فيها غير الله ويستغاث فيه بغير الله عز وجل إلى غير ذلك من المنكرات لا يحل للموحد أن يتقرب بطاعة لله جلة وعلى في تلك الأماكن
حتى لا تحصل المشابهة بينه وبين أهل المعاصي.
ومما يدل على ذلك أيضا ما رواه وأبو داود وغيره من حديث ثابت من الضحاك رضي الله عنه (نذرَ رجلٌ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ ينحرَ إبلًا ببوانةَ فأَتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
فقال إنِّي نذرتُ أنْ أنحرَ إبلًا ببوانةَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أكانَ فيها وثنٌ مِنْ أوثانِ الجاهليةِ يعبدُ قال لا فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أوفِ بنذركَ وأنهُ لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ اللهِ تعالى ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدمَ) أخرجه أبو داود
والوثن كل ما عبد من دون الله وهو أعم من الصنم فيدخل فيه الصنم ويدخل فيه الضريح إذا عبد من دون الله وصاحب الضريح إذا عبد من دون الله سبحانه وتعالي وهو راض بذلك
كل ذلك وثن فالوثن أعم من الصنم
والعيد اسم لما يعود ويتكرر والعودة هو الرجوع كما قال أهل العلم
فسمح له الرسول بالوفاء بنذره طالما لا وثن فيه ولا عيد فيه من أعياد الجاهلية فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك بن ادم
دل هذا على أن الأماكن التي يعصى الله تبارك وتعالى فيها لا يحل لموحد أن يتقرب لله جله على فيها بطاعة مثل الأضرحة أو مكان صنم أو مثن مثلا يعبد من دون الله عز وجل
ويذبح لأصحابها من دون الله عز وجل ويدعي أصحابها من دون الله عز وجل وعندها تتكرر الأعياد التي فيها من المنكرات ما لا يعلمه إلا الله جل وعلى كثير من المنتجات كترك الفرائض وغير ذلك من الأمور
لذلك ولو قال أنا أذبح باسم ولله ولكن في هذه الأماكن لا يحل لك كذلك حتى لا تحصل المشابهة في الظاهر.
فالذبح على سبيل التقرب والتعظيم عبادة والعبادة لا تصرف إلا لله اذا الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك فلا يقال أذبح لضريح فلان لا
فاذا أردت أن تتقرب بهذه الطاعة تقرب لربك تبارك وتعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} انحر لربك عز وجل على سبيل التقرب والتعظيم كما أن صلاتك لله تبارك هذا والله أعلي وأعلم
أسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يجعلني وإياكم من الموحدين وأن يختم لي ولكم على التوحيد الخالص والله أعلم وصلى الله وسلم مبارك على عبده ورسوله محمد والحمد لله رب العالمين.
ولمعرفة المزيد حول الفتاوي الدينية أو للمزيد من إسلاميات عموما من هنا.
وهذا فيديو يوضح فتوي هل الذبح لغير الله تعالى من مظاهر الشرك