المفضلة
اضافه موضوع

حديث اللهم انت الصاحب في السفر كاملا

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اسْتَوَى علَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قالَ: سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا، وَما كُنَّا له مُقْرِنِينَ، وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ،

وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المَالِ وَالأهْلِ، وإذَا رَجَعَ قالَهُنَّ، وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ.)

المصدر : صحيح مسلم

اللهم انت الصاحب في السفر

شرح حديث اللهم انت الصاحب في السفر كاملا

هذا الحديث حديث عن بن عمر رضي الله عنهما في دعاء السفر اللهم انت الصاحب والسفر قطعة من العذاب حتى لو ترفه الإنسان بسفره إلا أنه منذ أن يغير بيته وفراشة وعتاده يشعر بالتعب والأذى وقال النبي صلى الله عليه وسلم (السَّفرِ قِطعةً مِن العَذابِ) لذلك إذا قضى إنسان حاجته من السفر فليرجع لأهله

ومعنى قطعة من العذاب أي أنه يتأذى وليس بالضرورة أن يتضرر تفرق بين الأذى والضرر بدليل أن الله عز يقول في الحديث القدسي يقول (إِنَّكم لن تبلغوا ضُري فتَضُرُّوني) إن الله عز وجل لا يتضرر ويقول الله سبحانه وتعالي في الأذى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57)}

فالله يتأذى لكن لا يتضرر دل على أن هناك فرق بين الضرر والأذى فلما قال النبي صلى الله السَّفرِ قِطعةً مِن العَذابِ أي انه يتأذى ليس بالضرورة أن يتضرر فقد يسافر الإنسان مرفها ويعود على خير حال لكنه مع ذلك تأذى لأنه غير يعني ما اعتاد في اليوم والليلة غير فراشه وغير بيته وطعامه

ولذلك كثيرا ما يتعرض المسافر لبعض الأمراض وبعض تغيير الجوي تغير طعام بعض التعب هذا يعني وارد فلما كان السفر فالنبي صلي الله عليه وسلم لجأ بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى وعلم أمته

 

1.إذَا اسْتَوَى علَى بَعِيرِهِ

فكان صلاة ربي والسلام عليه كما يقول بن عمر إذَا اسْتَوَى علَى بَعِيرِهِ وتفسيرها استوى البعير يعني على عليه وهذا يدل على أن استوى معناها اللغوي على فاستوى على الشيء يعني على على عليه يعني ارتفع عليه

كذلك معني {الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ (5) (5)} يعني ان الله سبحانه وتعالي علي العرش لأن القرآن الكريم بلسان عربي مبين

لذلك قال الله سبحانه وتعالي {لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13)}

فما معني إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ؟ معناها اذا عليتم عليه فكما ربنا جل وعلا أنزل كتابه بلسان عربي مبين في حق المخلوق كذلك المعنى هو في حق الخالق إلا أن الكيفية والحقيقة تختلف بين الخالق والمخلوق كالاختلاف أو كالفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق

فالمخلوق يستوي على الدابة يستوي علي الفلك يستوي البعير يعني يعلو عليه ورب العالمين جل وعلا يستوي على العرش

لكن المخلوق إذا استوى على مخلوق على الدابة علي الفلك فإنه بحاجة لكن الله سبحانه وتعالي ليس كمثله شيء يستوي علي العرش وهو غنى عنه والشيء إذا على الشيء ليس بالضرورة أن يماسه فنحن نعرف بأن السحاب فوق الأرض ومع ذلك ليس ماسا له والسماء فوق الأرض والسماء لا تمس الأرض.

فالشيء فوق الشيء ليس بالضرورة أن يكون مماسا له فالله عز كونه مستوي على العرش وكونه فوق العرش وكونه فوق المخلوقات ليس بالضرورة أن يكون يعني مختلطا بها فليس الله عز فيه شيء من مخلوقات وليس شيئا من مخلوقات في الله عز وجل فانه جل وعلي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}

فكما في حق المخلوق استوى على البعير يعني على عليه كذلك في حق الخالق استوى العرش يعني على العرش لكن يختلف ويتباين الخالق عن المخلوق لأن الخالق خالق والمخلوق مخلوق والفرق بين الخالق والمخلوق أو بين صفات الخالق وصفات المخلوق كالفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق.

 

2. خَارِجًا إلى سَفَرٍ

تفسير إذَا اسْتَوَى علَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلى سَفَرٍ يعني هذا ظاهر النصوص أن هذا الدعاء يقال في السفر ليس في الحضر ليس في المدينة وبعضهم روى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث علي أن النبي قاله في المدينة لكن هذا الحديث الذي ما حديث البار ظاهره إذا خرج قال خَارِجًا إلى سَفَرٍ

 

3. كَبَّرَ ثَلَاثًا

كَبَّرَ ثَلَاثًا أي يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر

 

4. ثُمَّ قالَ: سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا، وَما كُنَّا له مُقْرِنِينَ،

تفسير ثُمَّ قالَ: سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا، وَما كُنَّا له مُقْرِنِينَ ، سبحان هذا مصدر معناه أنزه تنزيها والله عز وجل منزه عن جميع النقائص والعيوب والله عز وجل جمع لنفسه بين الحمد والتسبيح يعني الحمد اثباب صفات الكمال لله عز وجل والتسبيح تنزيه الله عز وجل في صفاته عن النقائص

فلا يلحق الله عز وجل نقص بحال من الأحوال ولا آفة لا نسيان ولا ظلم ولا موت ولا شيء من ذلك لكن دائما في التنزيه ينزه على سبيل العموم إلا لسبب أو لمناسبة ينزه عن الخصوص

كما لما قالوا بأنه تعب لما خلق الصوت الأرض واستراح في اليوم السابع فقال الله عز وجل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)} يعني ما أصابنا أي نوع من التعب فنفي التعب خاصة صفة واحدة لأن هناك من زعم بأن الله قد تعب فاستراح في اليوم السابع فنفي الله هذا

ولما زعم من زعم بأن الله اتخذ ولدا فقال الله عز وجل {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)} وقال سبحانه وتعالي {وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)} وأما التنزيه فيكون عادة بالعموم والإثبات يكون بالتفصيل

فقد قال الله جل وعلا {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ } و {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ} هذا نفي على سبيل العموم

لكن الاثبات على سبيل التفصيل قال جل وعلا {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}

واية الكرسي أخبر الله عن نفسه في قول الله تعالي اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ الله له دلالة هنا مبتدأ مرفوع بالابتداء ثم ما بعده أخبار متتالية إلى اخر الآية الخبر الأول لا إله الا هو الحي القيوم

{اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}

أخبار متتالية كلها عن الله تبارك وتعالى ففي حال الإثبات يأتي ماذا؟ مفصلا في حالة التنزيه والنفي يأتي مجملا وهذا أبلغ في الثناء

وفي حديث اللهم انت الصاحب في السفر قال صلي الله عليه وسلم سبحان الذي سخر لنا هذا أي أنه سبح الله عز وجل الذي سخر لنا هذا يعني ما يركبه سواء كانت دابة أو يعني فلك أو طائرة يقول هذا تسخير من الله تبارك وتعالى

سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا، وَما كُنَّا له مُقْرِنِينَ، أي ما كنا مطيقين لئن يهيئ لنا هذا المركوب لكن هذا من الله تبارك وتعالى منه وعطاء وتسخير

 

5. وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ،

تفسير وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، يعني راجعون كما في قول الله تعالى {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)} فقوله صلى الله عليه وسلم وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، أي راجعون الي الله سبحانه وتعالى وهذا اعتقاد عظيم يجب علي المسلم الا يغفل عنه بل يمتاز المسلم بهذا الإيمان وهو لقاء الله تبارك وتعالى

{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}  وذاك موجود للمسلم في سورة الفاتحة حيث ان المسلم في كل ركعة يقرأ قول الله عز وجل {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} يعني مالك يوم الجزاء الذي نعود فيه إلي الله تبارك وتعالى للحساب

وكذلك كثير ما يذكر الله عز وجل الإيمان باليوم الآخر بالإيمان بالله يقول الله عز وجل {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ} وذلك لأهمية الإيمان باليوم الآخر فالمسلم الواجب عليه أن يتذكر دائما أنه منقلب إلى الله راجع الله إنا لله وإنا إليه راجعون

وقالت جل وعلى {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} وقال جل وعلا {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۚ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

فهذا الشيء عظيم جدا جدا لم يكن الله تبارك وتعالى ليدع الناس على ما هم عليه يخلقهم سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم وانهم لا يرجعون الي الله هذا مناف لحكمة الله تبارك قال جل وعلا {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)}

فتعالى الله عز وجل عن أن يخلق عبثا يخلق الناس فيكونون ويكونوا ترابا لا يجازي المحسن علي احسانه ولا المسيئ لإساءاته ولا يقتص للمظلوم من الظالم هذا لا يمكن ما يرضي أحد من الناس فكيف يرضي الله به؟

فيأبي الله تبارك تعال إلا أن يبعث الناس خلقا جديدا وقد أقسم جل وعلا بنفسه وأقسم مخلوقاته أنه سيعيد الناس خلقا جديدا وينقلبون إليه ويرجعون اليه فيحاسبهم

فهنا يذكر النبي صلى الله نفسه فقال وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ويذكر الأمة الاسلامية أنها سترجع الي الله تعالي وفي الحق هذه الدنيا ما هي الا سفر وعادة المسافر يرجع من حيث بدأ يعني مسافر مؤقت ويرجع فكذلك حال الدنيا كما قال النبي صلى الله (كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ .)

فالإنسان مهما طالت سلامته لا بد أن يعود إلى الله تبارك وتعالى قال جل وعلا {۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55)} أي الا{ض لذلك قال النبي في حديث اللهم انت الصاحب في السفر وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ،

 

6. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى،

تفسير اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى، ثم قال اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى، هذا البر والتقوى اللهم يعني يا الله حذفت الياء للبداية بلفظ الجلالة الله والميم علامة على ما حدف فصارت اللهم

إنا نسألك أي ندعوك ونطلب منك في سفرنا هذا البر والتقوى

البر والتقوى إذا اقترنتا فيكون البر العمل الصالح والتقوى لاتقاء يعني العمل السيئ ولكن اذا قيل البر من غير ذكر التقوي او التقوي من غير ذكر البر فيكون المعنى واحد وهذا كثير في الكتاب والسنة

البر يعني الإعمال الصالحة البارة الخير يعني فعل الخير والتقوى أي نتقي ما يسخط الله تبارك وتعالى

 

7. وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى،

تفسير وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، العمل ما ترضى هذا يشمل العمل الصالح الذي يكون خالصا لله تبارك وتعالى وصوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله لا يرضى إلا أن يكون العمل خالصا لوجهه الكريم وصوابا على سنة سيد المرسلين صلاة ربي وسلامه عليه

إن الله عز وجل لما خلق الإنس والجن لعبادته شرع لهم ما يعبدوه كما أمر فقال الله عز وجل فاستقم كما أمرت {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)}

ويشمل عمل ومن العمل ما ترضي أي ما كان مباحا ويستعمله المسلم في طاعة الله عز وجل أو في التطوع الي طاعة الله والوسائل أحكام المقاصد إذا قصدك بهذا العمل وإن كان مباحا أن ترفه نفسك أو مثلا تسعد أهلك أو تكسب حلالا تتعفف به عن الحرام مثل هذه المقاصد يأخذ الأجر المسلم عليه

فكيف إذا كان السفر هذا عبادة كحج أو عمره أو جهاد أوصلة رحم أو طلب علم فيجمع بين هذا وهذا من الحسنات

 

8. اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا،

تفسير اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، لماذا قال اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، لأن كما ذكرنا الحديث في البداية لان السفر قطعة من العذاب ولذلك كثير من الناس يتعثر في السفر وبعضهم يهلك بعضهم يموت بعضهم يعطش بعضهم يتيه بعضهم يغتال بعضه يسرق

فيعني المسافر ليست كالمقيم فالمقيم يعرف مخارج بلده ومداخلها والاوقات الذي يخرج بها والاوقات الذي لا يخرج بها والأماكن الخطرة والأماكن النزيهة والأماكن القذرة يدرك المقيم ما لا يدركه من المسافر فلذلك ناسب أن يكون المسلم أكثر لجوءا إلى الله عز وجل في حال السفر ويسأل الله عز وجل ان يهون عليه مشقة السفر ومخاطر السفر

التيه الضيع لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا،

 

9. وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ،

تفسير وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، لأن المسافات وإن قيست لكن سبحان الله مع تيسير الله عز وجل قد يكون السفر خفيفا وقد يكون شاقا قد يتعرض الإنسان للتأخير قد يعطل له مثلا عطل في دابته في سيارته قد يفقد أموال قاله قد يمرض في الطريق او تحدث اي اشياء تجعل تطول عليه المسافة وتطول عليها المدة

لكن ناسب أن المسلم يسأل الله أن يطوي عليه البعد ويجعله خفيفا على نفسه وعلى دابته وعلى رفقته

 

10. اللهم انت الصاحب في السفر

تفسير اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ في دعاء اللهم انت الصاحب في السفر هنا الصحبة الخاصة صحبة التيسير والحظ فالله عز وجل مع كل خلقه لكن معية الله مع كل خلقه معية إحاطة فلا تخفى عليه منهم خافية فيبصرهم ويسمعهم ويعلمهم ويحيط بهم ويخاف عليهم

لكن المعية الخاصة هي معية حفظ وتأييد وسلامة فلذلك ربنا جل وعلا يقول {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)}

فما معنى معهم أينما كانوا؟ يعني يعلمهم ويحيط بهم ولذلك صدر الآية بقوله تعالي أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ فالكلام عن علم الله وختم بقوله تعالي إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فدل على أنه يعلمهم معهم يعني يحيط بهم علما

لكن مثلا في قوله تعالي {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128)} أو {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} أو {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ } هذه معية خاصة تقتضي هذه المعية الخاصة الحفظ والتأييد

فكل إنسان الله عز وجل معه لكن معية عامة لكن هناك من خواص خلق الله عز وجل الذي يملآ قلبه بالتقوى والإحسان والطاعة فالله عز وجل معهم معية خاصة يحفظهم ويؤيدهم لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم اللهم انت الصاحب في السفر

 

11. وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ،

تفسير اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ لأن عادة الإنسان اذا سافر وترك أهله خلفه قد يحتاجون إليه قد ينقصهم شيء فالمسافر يقول هذه الدعاء وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ يستودع أهله الله عز وجل بأن يحفظهم فيخلف عليه في أهله

 

12. اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثَاءِ السَّفَرِ، الي نهاية الحديث الشريف

تفسير اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثَاءِ السَّفَرِ، يعني الوعثاء العذاب والتعب والمشقة وكآبة المنظر ما يسوء الإنسان في نظره

وسوء المنقلب أن ينقلب منقلبا سيئا في المال والاهل يخس أهله أو ماله والولد

يقول الرسول صلي الله عليه وسلم وإذَا رَجَعَ قالَهُنَّ، وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ وتلك مقالة كاملة حول دعاء السفر دعاء السفر آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون

 

تعليقات

لم يتم إضافة تعليقات لهذا المقال.

مقالات قد تهمك

مقالات موقع المنصة المعرفية

  • اخر المقالات في إسلاميات
  • اخر المقالات
  • الاكثر شيوعا ف إسلاميات
  • الاكثر شيوعا